صلاحية للانطباق على جميع أفراده فهو المقيّد ، فلفظ «رجل مؤمن» مقيّد ؛ لأنّه قد سلب منه شياعه ، حيث كان يصلح للانطباق على كلّ رجل ، ومع إضافة قيد «المؤمن» انحصر إطلاقه في جماعة خاصّة من الرجال وهم أصحاب الإيمان.
أوّلا : هل الشيوع من الوضع أم من القرينة العامّة؟
لا ريب في أنّ هناك ألفاظا مطلقة ، بمعنى أنّها تدلّ حسب متفاهم العرف على المعاني الشائعة ، مثل : أسماء الأجناس كرجل وفرس وحيوان وسواد وبياض إلى غير ذلك من الأسماء الموضوعة للمعاني الكلّية ، هذا ممّا لا ريب فيه عند الأكثر ، إنّما الكلام في أنّ هذا الشيوع والإرسال في معنى اللفظ يأتي من الوضع بأن يكون المعنى الذي وضع له اللفظ هو المعنى الشائع ، أو أنّ الشيوع والإرسال يستفاد من القرينة العامّة المسمّاة بمقدّمات الحكمة؟
والمعروف بين القدماء الأوّل ، وأنّ اللفظ كاسم الجنس وضع للمعنى المقيّد بالإطلاق ، فلفظ «رجل» موضوع لمعناه الموصوف بالإطلاق والشيوع ، فإذا استعمل في المقيّد وغير الشائع كان استعمالا له في غير ما وضع له فكان مجازا ، فعليه كان استعمال لفظ «رجل» في خصوص «رجل مؤمن» مجازا.
والمشهور بين متأخّري المتأخّرين والأساتيذ هو الثاني ، وأنّ لفظ المطلق وضع لمعنى خال من كلّ وصف ، فوصف الإطلاق والتقييد خارجان عن حريم المعنى ويستفاد كلّ واحد من الوصفين بقرينة ، أمّا الإطلاق فيستفاد بالقرينة العامّة أعني مقدّمات الحكمة ، وأمّا التقييد فيستفاد بالقرائن الخاصّة من لفظ أو حال.