الأوّل : أن يكون بذاته حجّة وطريقا ، يعني لا تتوقّف حجّيته وطريقيّته على شيء آخر وهو العلم بالحكم (١) ، فإنّه إذا حصل العلم به فحينئذ يجب العمل على طبقه ولا تجوز مخالفته.
وهو طريق موصل إلى الحكم وليست حجّيته وطريقيّته مفتقرة إلى شيء آخر ؛ إذ من المعلوم أنّه لا عذر للمكلّف في عدم امتثال الحكم الذي قد علم به ؛ ولهذا يقال : حجّية العلم ذاتية ، يعني هو بنفسه طريق وحجّة.
ولا يفرّق في ذلك بين الأسباب التي يحصل منها العلم ، فإنّه بذاته حجّة من أي سبب حصل ، كما لا يفرّق أيضا في ذلك بين ما يتعلّق به العلم ، سواء أتعلّق بالحكم بأن يحصل العلم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أم تعلّق بموضوع الحكم كأن يعلم أنّ هذا المائع خمر ، فإنّه حجّة على كلّ حال لا يجوز مخالفته بوجه.
الثاني : أن لا يكون حجّة بذاته ولا يكون طريقا إلى الحكم إلّا مع أمر الشارع بوجوب متابعته ولزوم الجري على طبقه ، مثل : الأخبار المروية من الأئمة عليهمالسلام لا على وجه التواتر ، فإنّها حجّة من هذا القبيل ، أي إنّما أصبحت حجّة ؛ لأن الشارع أمر بالعمل بها كما ستعرف ذلك ، فهي حجّة لكن لا بذاتها بل الشارع أمر بالعمل بها وجعلها حجّة ؛ ولهذا يقال : إنّ حجّيتها جعلية.
ثانيا : الأمارة :
وهي ـ على ما عرّفها المحقّق الطوسي قدسسره ـ ما يفيد الظنّ ، فالخبر
__________________
(١) هكذا اشتهر على الألسن في العصور المتأخّرة بل كاد يصبح من المسلّمات لدى الطلّاب ، بيد أنّا قد حقّقنا أنّ حجّية العلم والقطع ببناء العقلاء وليست بالعلم بالحكم.