الفصل الثاني
بيان المناط في حجّية شيء ما
قد علمت معنى الحجّية من أنّ الحجّة ما يجب العمل عليه ولا يجوز مخالفته ، ومن الواضح أنّ الظنّ بما هو ظنّ لا يصحّ العمل به ولا يكون مناطا للحجّية ؛ وذلك :
١ ـ لحكم العقل ، حيث إنّ الظنّ لا يكشف عن الواقع ولا يرشد إليه على نحو يطمئنّ المكلّف إليه ويأمن العقاب ؛ إذ من المحتمل مخالفته للواقع ، وهذا الاحتمال لدى العقلاء يمنع من التعويل عليه.
٢ ـ ولقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(١) ، وقد ذمّ الله سبحانه العمل بالظنّ ، وبيّن أنّه لا يفيد عن الواقع شيئا ، كما ذمّ من اتّبع الظنّ بقوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(٢) ، كما منع عن العمل بغير العلم أعني الظنّ بقوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(٣).
__________________
(١) يونس : ٣٦.
(٢) الأنعام : ١١٦.
(٣) يونس : ٥٩.