فالأوّل : مثل ما إذا كان الوجوب أو الاستحباب أو غيرها من الأحكام ثابتا لنفس العلم ، بأن يكون المعلوم بوصف أنّه معلوم واجبا أو مستحبا.
والثاني : ما إذا كان العلم منضمّا إلى الغير موضوعا للحكم مثل ما يقال : إنّ البول المعلوم البولية نجس ، فإنّ الحكم فيه لم يثبت للبول وحده ولا للعلم وحده ، بل تعلّق الحكم بالبول الّذي تعلم أنّه بول.
تنبيه : لا يشترط في حجّية العلم أن يكون مطابقا للواقع في علم الله ، بل يجب متابعته بمجرّد حصوله من دون نظر إلى أنّه مطابق للواقع في علم الله تعالى أو لا ، فإذا حصل العلم بشيء أنّه واجب أو حرام وجب العمل على طبقه والجري على وفقه ما دام العلم باقيا ، فلمّا زال العلم وتبدّل بالجهل فحينئذ يرتفع الحكم بوجوب المتابعة.
ثمّ إذا حصل العلم بحرمة شيء مثلا ولكنّ المكلّف لم يعمل على مقتضاه ، ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّ علمه كان جهلا مركّبا ، أي علمه لم يكن مطابقا للواقع ، مثل : من اعتقد اعتقادا علميا بأنّ هذا المائع خمر فأقدم على شربه ثمّ تبيّن أنّه كان خلّا ، يعتبر المكلّف متجرّيا ، حيث إنّه تجرّى على المولى وأقدم على مخالفته وإن لم تتحقّق مخالفته واقعا.
وهذا التجرّي يكشف عن خبث باطنه وقبح سريرته ، وإن تبيّن إنّ ما شربه كان خمرا كان المكلّف عاصيا مستحقّا للعقاب.
إذا عرفت ذلك فاعلم :
انّ لهم في التجرّي بحثين :
أوّلهما : هل التجرّي محرّم من المحرّمات الإلهية ، بأن يكون نفس