الفصل الرابع
في بيان حجّية الظنّ وما يفيده
ولا بدّ من تمهيد أمور تجب معرفتها لمن تصدّى لفهم ما يتعلّق بحجّية الظنّ :
الأوّل : أنّه قد علمت أنّ حجّية العلم ذاتية لا تحتاج إلى جعل الجاعل ، وأنّ حجّية الظنّ لو ثبتت فهي جعلية مرهونة بجعل الجاعل ، فعليه لا بدّ من إثبات أنّ الشارع جعل الظنّ حجّة ، وبدون ذلك لا قيمة للظنّ.
الثاني : حيث علمنا أنّ حجّية الظنّ ليست ذاتية بل تتوقّف على إحراز أنّ الشارع جعله حجّة ودليلا ، فعليه لا يكون الظنّ بدونه حجّة. فالظنّ في حدّ ذاته ـ أي مع قطع النظر عن ذلك ـ لا يكون حجّة (١). وهكذا حال كلّ شيء غير العلم في عدم الحجّية ، فعليه يكفي الشك في حجّيته للقطع بعدم حجّيته.
الثالث : وقع الكلام عندهم في إمكان حجّية غير العلم ، بمعنى هل يمكن
__________________
(١) ليس المقصود نفي الاقتضاء عن الظنّ للحجّية ، فإنّه يصلح لأن يجعله الجاعل حجّة ؛ إذ الجعل التشريعي لا يعقل أن يمنح للظنّ الصلاحية للحكم ، فإنّ الدليل المتكفّل للموضوع لا يتكفّل بيان تحقّق الموضوع ، فلا وجه لما أصرّ عليه السيّد الخوئي من فقدان الصلاحية والاقتضاء.