إذا عرفت هذا فاعلم :
انّ المعروف والمشهور بينهم حجّية الظهور على اختلاف بينهم في شرائطه وخصوصياته.
والوجه في حجّية الظهور أنّه من المقطوع به الّذي لا يشوبه ريب ولا شكّ أنّ أبناء المحاورة من العقلاء من كلّ لغة قد مشى ديدنهم وجرت سيرتهم في محاوراتهم وبيان مقاصدهم على اعتماد المتكلّم على الظواهر ، ويعني ذلك أنّه يكتفي المتكلّم في بيان مقصوده بكلام ظاهر في المطلوب كما يعتمد المخاطب على الظهور في العمل بكلام المتكلّم ، فإنّ المولى يكتفي في إيصال مقصوده إلى العبد بكلام ظاهر في مرامه كما أنّ العبد أيضا يكتفي في امتثال أمر المولى بالعمل بما يظهر من كلامه ، ولا أحد يخطّئ المولى على اكتفائه بالظهور في مقام بيان مراده ، كما لا يخطّئ العبد في اكتفائه في مقام الامتثال بالعمل بما يستفيد من ظاهر كلام المولى ، بل يصوّب العقلاء كلّا من المولى والعبد في ذلك ، بل لا يؤمن العقلاء بعذر للعبد إذا لم يعمل على طبق ما يستفاد من ظهور اللفظ.
ومن المعلوم أيضا أنّ الشارع المقدّس لم يتخطّ في محاوراته مسلك أهل المحاورة من العقلاء في تفهيم مفاده ؛ لأنّ الشارع من العقلاء بل رئيسهم ، فهو إذن متّحد المسلك معهم ، وحيث لم يثبت أنّه اخترع لنفسه محاورات اختصّت به دون سائر الناس فعليه ـ كما يجب على العبد العرفي ـ اتّباع ظواهر كلام المولى العرفي ولا عذر له في تركه عند العقلاء ، كذلك يجب على العبد الحقيقي اتّباع ظواهر كلام المولى الحقيقي الذي هو الشارع المقدّس ، وليس له لدى العقلاء عذر في عدم امتثال ما يستفاد من ظواهر كلامه.