ويشهد بصدق ما ادّعى المحقّق النائيني أنّ الشيخ الطوسي ـ مع كونه من القائلين بحجّية خبر الواحد ـ ذكر في مسألة تعارض الخبرين وترجيح أحدهما على الآخر أنّ الخبر المرجوح لا يعمل به ؛ لأنّه خبر الواحد ، فيجري هذا التعليل على الاصطلاح الثاني في الخبر الواحد.
وعليه فالإجماع الذي ادّعي على عدم حجّية خبر الواحد لا يشمل الخبر الذي يوثق بصدوره ، بل يختصّ بالخبر الضعيف.
الوجه الثاني :
وردت أخبار متواترة بعدم جواز أخذ الخبر الذي لا يكون عليه شاهد أو شاهدان من الكتاب أو من السنة القطعية ، ومن المعلوم أنّ أغلب ما بأيدينا من أخبار الآحاد ليس عليها شاهد من كتاب الله ولا من سنّة نبيّه القطعية ؛ لأنّ مضامين تلك الأخبار ـ أي أخبار الآحاد ـ ليست موجودة في الكتاب ولا في السنة القطعية أو غير مصرّح بها فيهما ، فلو كانت تلك المضامين مبيّنة في السنة المتواترة أو في الكتاب العزيز لما احتجنا إلى أخبار الآحاد.
والجواب عنه : بأنّ الأخبار الواردة في هذا الباب طائفتان :
الطائفة الأولى : هي الأخبار الدالّة على أنّ الخبر المخالف للكتاب باطل ، وزخرف ، أو اضربوا به عرض الجدار ، أو لم نقله ، إلى غير ذلك من التعبيرات الدالّة على عدم حجّية الخبر المخالف للكتاب والسنّة القطعية.
والمراد من المخالفة في هذه الطائفة من الأخبار هي المخالفة بنحو لا يكون بين الخبر والكتاب وجه معقول للجمع ، كما إذا كانت النسبة بين مفاد الخبر ومفاد الآية التباين الجزئي ، وما كان من الخبر المخالف للكتاب أو السنّة القطعية بنحو التباين الكلّي فهو خارج عن محلّ الكلام بلا إشكال