من العقاب ، فيبقى في حيرة شديدة من أمره.
المقدّمة الرابعة :
حيث علم المكلّف انسداد باب العلم والعلمي ، وأنّه مكلّف من قبل الشارع ؛ إذ لم يتركه مثل سائر الحيوانات ، ولم يمكنه العمل بالاحتياط حتى ينجو بهذه الوسيلة من العقاب ، ففي هذه الحال لا يسعه إلّا أن يأتي بما يظنّ أنّه واجب من الأمور التي يحتمل وجوبها ، ويترك ما لا يظنّ بوجوبه بل يتوهّم أنّه واجب ؛ لأنّ المفروض أنّه لا يمكنه إتيان كلّ ما يحتمل وجوبه ؛ لأنّه يلزم منه اختلال النظام أو العسر أو الحرج الشديدان ؛ ولا يمكنه أيضا ترك ما يظنّ أنّه واجب وإتيان ما يتوهّم وجوبه ؛ لأنّه يلزم منه ترجيح المرجوح ـ أعني المتوهّم ـ على الراجح ـ أعني المظنون ـ وهو قبيح.
فعليه اللازم على المكلّف العمل بالظنّ بإتيان كلّ ما يظنّ وجوبه ، وهكذا الكلام فيما يحتمل حرمته ، فإنّه لا يمكنه ترك كلّ ما يحتمل أنّه حرام ، فعليه أن يترك كلّ ما يظن أنّه حرام ، فيعمل بالظنّ.
تنبيهات :
الأوّل : تبيّن من البحث السابق أنّه لو تمّت هذه المقدّمات الأربع كلّها كانت نتيجتها حجّية الظنّ المطلق ، ومعلوم أنّه مع سقوط واحدة من هذه المقدّمات لم يكن الظنّ المطلق حجّة ، وقد علمت أنّ المقدّمة الثانية ـ أعني انسداد باب العلم والعلمي ـ غير ثابتة ؛ لأنّه وإن اعترفنا بفقدان العلم الوجداني بالأحكام الشرعية والتزمنا بانسداد باب العلم فيها إلّا أنّ الباب العلمي بالأحكام منفتح ، فإذا فقدت هذه المقدّمة ـ التي هي أساس الدليل