هناك دليل من آية أو رواية أو إجماع يبيّن الواقع ، فإنّه يشكّ في الحكم ـ أعني الوجوب ـ وليس هناك لوجوب الدعاء لدى رؤية الهلال حالة سابقة معلومة من وجود وعدم ، فحينئذ يتمسّك بالبراءة ، فيقال : الأصل براءة ذمّة المكلّف من هذا الوجوب. ومثل ما يشكّ في حرمة التدخين ، فإنّه أيضا يشكّ في الحكم وأنّه ثابت أو ليس بثابت وليس هناك حالة سابقة ، وكما ليس في المقام دليل يعتمد عليه في معرفة الحكم الواقعي الإلهي فرضا ، ففي مثله أيضا يقال : الأصل براءة المكلّف من الحرمة المشكوكة. ومعنى براءة المكلّف عن الحرمة أو الوجوب هو أنّ هذا الفعل مباح ظاهرا يعني يعامل معه معاملة المباح في الظاهر.
وأمّا الاشتغال أو الاحتياط فهو إنّما يفيد فيما إذا علمنا بالحكم ، مثل ما يعلم أنّ الواجب يوم الجمعة في زمان الغيبة إمّا صلاة الظهر أو صلاة الجمعة ، فحينئذ يكون الحكم ـ أعني الوجوب ـ معلوما ، إلّا أنّ متعلّقه مردّد بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة ، ففي مثل ذلك يحتاط حيث نعلم باشتغال الذمّة بوجوب واحد منهما ، ولا نأمن العقاب إذا أتينا بواحد دون الآخر ، فحينئذ يحكم العقل بلزوم إتيانهما معا. وهو معنى الاحتياط.
وأمّا التخيير فهو إنّما يستخدم في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، مثل ما يشكّ في أنّ الفعل الفلاني إمّا واجب وإمّا حرام ، ولم يمكنه الوصول إلى العلم التفصيلي حتى يتأكّد من أنّه واجب أو حرام ، ففي مثله يحكم العقل بأنّ العبد مخيّر بين الفعل والترك.
وأمّا الاستصحاب فهو يجري فيما إذا كان الشيء متيقّنا سابقا لحقه الشكّ في البقاء ، ففي مثله يعمل على طبق اليقين السابق ، مثل ما إذا غاب زيد عنّا غيبة منقطعة ولم ندر أنّه ميت أو حيّ ، حيث كنّا نتيقّن بوجوده ثمّ شككنا