الفصل الثاني
أدلّة الأخباريين على وجوب
الاحتياط وعدم جواز التمسّك بالبراءة
وهي كثيرة نذكر أهمّها :
١ ـ قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١).
ووجه دلالتها على المقصود أنّه لا شكّ في أنّ ما نحتمل حرمته فيه خوف الهلاك ؛ لأنّ كلّ حرام مهلك لترتّب العقاب عليه يوم القيامة ، فكلّ ما نحتمل أنّه حرام نحتمل أنّه مهلك ، فإلقاء النفس فيما نحتمل أنّه حرام إلقاء لها في المهلكة لا محالة ، والله تعالى نهى عن ذلك في هذه الآية المباركة ، والنهي يدلّ على الحرمة ، فيكون إلقاء النفس في المهلكة حراما.
فالحاصل : أنّ ارتكاب ما نحتمل حرمته حرام ؛ لأنّه إلقاء للنفس في التهلكة ، وكذا الكلام فيما نحتمل وجوبه ؛ إذ في تركه إلقاء للنفس في المهلكة وهو لا يجوز.
والجواب عنه : إن أريد بالتهلكة الهلاك الدنيوي فمن الواضح الّذي لا شكّ فيه أنّه ليس في ارتكاب الفعل مع الشكّ في حرمته احتمال الهلكة
__________________
(١) البقرة : ١٩٥.