ثمّ إنّه إذا دار الأمر بين الوجوب وغير الحرمة من الأحكام ، بأن علمنا بثبوت الوجوب إلّا أنّ متعلّقه مجهول ، وهو قد يكون فيما شكّ في أنّ متعلّق الوجوب المعلوم أحد الفعلين المتباينين ، مثل ما إذا شكّ أنّ الواجب يوم الجمعة صلاة الظهر أو الجمعة ، ففي مثل ذلك لا بدّ من العمل بالاحتياط ، بمعنى إتيان كلّ واحدة من الصلاتين الظهر والجمعة حتى يحصل اليقين بالبراءة. أو علمنا بنجاسة واحد من الإناءين ، فحينئذ يجب الاحتياط بترك كلا الإناءين.
وقد يكون الشكّ في أنّ متعلّق الوجوب الأقلّ أو الأكثر ، مثل ما إذا علمنا بثبوت الوجوب وشككنا في أنّ متعلّقه الصلاة مع السورة أو بلا سورة ، وكما إذا علم بثبوت الوجوب ولكن شكّ أنّ الواجب صلاة واحدة أو صلاتان ، فهاهنا مقامان :
المقام الأوّل : دوران الأمر بين المتباينين :
وذلك فيما إذا علم بوجوب واحد من المتباينين أو علم بحرمة تعلّقت بأحدهما ، فحينئذ حيث إنّ المكلّف حسب وجدانه عالم بثبوت حكم إلهي في ذمّته فلا مسوّغ له إلى ترك الامتثال بل هو مسئول أمامه تعالى ؛ فلذا يجب عليه العمل على نحو يحصل له القطع ببراءة ذمّته ، وذلك بأن يأتي بكلا المحتملين اللذين يعلم بوجوب واحد منهما ، ويترك كلا المحتملين اللذين علم بوجود الحرام في ضمنهما.
ثمّ إنّ الواجب المعلوم أو الحرام المعلوم قد يكون في ضمن أمور محدودة وقد يكون في أمور غير محصورة عرفا :
١ ـ مثل ما يعلم بحرمة إحدى النسوة الأربع ، أو علم بوجوب قضاء واحدة من خمس صلوات يومية ، ففي مثل ذلك يجب الاحتياط ، فيترك جميع