ومثال آخر : فيما إذا شكّ في أنّ زيدا عالم حتى يجب إكرامه بمقتضى دليل : أكرم العلماء ، أو ليس بعالم ، ففي مثله أيضا لا داعي للتوقّف أبدا بل يتمسّك بالبراءة بلا ريب ولا امتراء (١).
وأمّا البراءة في الشبهات الحكمية فهي التي ذكرت لها عدّة شرائط منها :
الأوّل : الفحص عن الأدلّة الشرعية :
وهو الشرط الذي ذكره الأغلب وحكموا بتوقّف البراءة عليه ، مثل الشيخ ومن تأخّر عنه ، وأمّا سائر الشرائط فقالها بعض من تقدّمه. والكلام عن هذا الشرط في ناحيتين :
الناحية الأولى : في دليل وجوب الفحص على النحو المجمل :
اعلم أنّ معنى البراءة ـ كما عرفت ـ رفع التكليف في الظاهر لأجل الجهل المستدعي للعذر المستلزم ؛ لأنّ الجاهل معذور في مخالفة الواقع ولا يستحقّ العقاب والمؤاخذة.
ومن الواضح أنّه لا يعذر الجاهل المقصّر ، بل هو مؤاخذ على تقصيره ؛ للإجماع القطعي والأدلّة الدالّة على وجوب تحصيل العلم ، مثل آيتي النفر للتفقّه (٢) وسؤال أهل الذكر (٣) ، والأخبار (٤) الدالّة على وجوب
__________________
(١) يستثنى بعض الموارد حسب اقتضاء الدليل ، مثل من شكّ في حصول الاستطاعة حتى يجب عليه الحجّ ، فلا يجوز له التمسّك بالبراءة ، بل يجب عليه الفحص عن حاله ومبلغ أمواله حتى يعرف وظيفته الشرعية.
(٢) التوبة : ١٢٢.
(٣) الأنبياء : ٧.
(٤) ذكرت جملة وافرة منها في جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة ٢ : ٩١.