تحصيل العلم والتفقّه والذمّ على تركه.
وكذلك يدلّ عليه ما ورد من مؤاخذة الجاهل المقصر على فعل المعاصي (١) ، بل يستقلّ العقل بأنّ الجاهل القادر على الاستعلام غير معذور في المقام الّذي نظيره في العرفيات ما إذا ورد من يدّعي الرسالة من المولى وأتى بطومار يدّعي أنّ الناظر فيه يطّلع على صدق دعواه أو كذبها ، فالرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله أتى بقرآن يدّعي أنّ الناظر فيه يعلم بصدق دعواه النبوّة ، فإذا لم ينظر أحد فيه فلم يحصل له العلم بنبوّته وبقي على الكفر ، فالعقل لا يحكم بمعذوريّته ، فالتمسّك بالبراءة مع إمكان الوصول إلى الحقّ بالنظر في القرآن غير معقول ، وهكذا من لم ينظر في الأدلّة التي هي مظان وجدان الأحكام المجعولة شرعا لا مساغ له للبراءة أصلا.
الناحية الثانية : مقدار الفحص :
اللازم بذل الطاقة واستفراغ الوسع في مظان الأحكام الشرعية إلى حد تطمئنّ نفسه بأنّه لو كان هناك حكم لتبيّن ، ولا يجب عليه أكثر من ذلك.
الثاني : عدم تضرّر أحد بإعمالها :
وهو ما ذكره الفاضل التوني من أنّه يشترط في التمسّك بالبراءة أن لا يتضرّر أحد بإعمالها ، كما لو فتح إنسان قفص طائر ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلا فهربت دابّته ، فإنّ إعمال البراءة فيها عن الاشتغال بقيم تلك المتلفات يوجب تضرّر المالك ، فيحتمل اندراج هذه الموارد تحت قاعدة الاتلاف ، أعني من تلف مال الغير فهو له ضامن ، فلأجلها يحكم بالضمان ، ويحتمل أيضا اندراجه تحت قاعدة نفي الضرر لقوله صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة ٢ : ٢ ، الباب ١ ، ط. الأولى.