الرابع : الأخبار المستفيضة الواردة في الباب :
وهذا هو العمدة من بين أدلّة الاستصحاب ، فمن تلك الأخبار :
١ ـ صحيحة زرارة حيث قال : «قلت له (١) : الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال عليهالسلام : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن ، وإذا نامت العين والأذن والقلب فقد وجب الوضوء. قلت : فإن حرّك على جنبه شيء ولم يعلم؟ قال : لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أمر بين ، وإلّا فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا تنقض اليقين بالشك أبدا ولكنّه ينقضه يقين آخر» (٢).
هذه الرواية وإن كان موردها الوضوء إلّا أنّ النظر الصادق في فقراتها يحكم بأنّ الحكم المزبور فيها لا يختصّ بالوضوء ، فإنّ قوله : «فإنّه على يقين من وضوئه ولا تنقض اليقين بالشكّ أبدا» ظاهر في التعليل ؛ لما حكم به في السؤال السابق ، فمعناه : أنّه إنّما حكم بما حكم لأجل هذا التعليل ، فأينما وجد هذا التعليل يصحبه الحكم السابق ، فلا يختصّ الحكم بباب الوضوء ، وهو واضح بعد أدنى تأمّل.
٢ ـ صحيحة أخرى لزرارة هي : «قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني ، فعلّمت (٣) أثرا إلى أن أصيب له الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئا وصليت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك. قال : تعيد الصلاة وتغسله. قلت : فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه أصابه فطلبته فلم أقدر عليه ، فلمّا أن صليت وجدته؟ قال : تغسله وتعيد. قلت : فإن ظننت أنّه
__________________
(١) أي للإمام عليهالسلام.
(٢) وسائل الشيعة ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.
(٣) أي جعلت عليه علامة.