فلا تعارض بينهما أصلا ؛ ولذا قلنا في شرائط التعارض : أن لا يكون أحد الدليلين حاكما على الآخر ، وإلّا لا يكون بينهما تعارض أبدا ؛ لأنّ الدليل الحاكم إنّما يبيّن محطّ الحكم المستفاد من الدليل المحكوم وأنّه مضيّق.
وقد يكون مفاد الحاكم توسعة مورد الحكم ، مثلا : العصمة الثابتة لأهل البيت بقوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(١) ، وهذه الآية حسب مورد النزول مختصّة بعلي والحسنين وفاطمة عليهمالسلام ولا تعمّ سائر الأئمة عليهمالسلام ، ولكنّه ورد عنهم عليهمالسلام أنّهم كلّهم من أهل البيت (٢) ، فهذه الرواية توسّع مورد الآية لتعمّ سائر الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين.
الورود :
وهو أن يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الدليل الآخر تكوينا بالتعبّد بحيث لو لا هذا الدليل لكان موضوع الدليل الآخر باقيا على حاله ، فهذا الدليل وارد والآخر مورود ، مثل ما ورد أنّه يباح لك الذهاب إلى الكوفة ما لم يصلك نهي من الشارع ، ففي مثله موضوع الحكم عدم وصول النهي ، فإذا ورد الخبر يحتوي على النهي عن المسير إلى الكوفة كان ذلك رافعا لموضوع ذلك الحكم تعبّدا تكوينا ، بمعنى أنّ التعبّد والالتزام بالدليل الثاني يرفع موضوع حكم الدليل الأوّل تكوينا.
__________________
(١) الأحزاب : ٣٣.
(٢) تفسير نور الثقلين ٤ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ عن الكافي ، وكمال الدين ، والبرهان في تفسير القرآن للبحراني.