الفصل الخامس
في بيان القاعدة الأوّلية في المتعارضين
قد علمت أنّ التعارض إنّما يحصل فيما لو تكاذب الدليلان ، أي كان كلّ منهما مكذّبا للآخر ، ولا يكون ذلك إلّا مع الشروط السبعة المتقدّمة ، ومع عدم مرجّح لأحدهما على الآخر يكونان متعادلين من جميع الجهات المقتضية للترجيح التي يأتي ذكرها ، فإذا تعادل المتعارضان مع تكاذبهما فقد اختلفوا في أنّ القاعدة الأوّلية فيهما ما هي؟ هل هي التخيير كما نسب إلى المشهور ، أو التساقط كما ذهب إليه المتأخّرون؟
واستدلّ على التخيير بأنّ التعارض لا يقع بين الدليلين إلّا إذا كان كلّ منهما واجدا لشرائط الحجّية ، بأن يكون كلّ واحد منهما مع غضّ النظر عن الآخر حائزا لجميع الشرائط المعتبرة في الحجّية كما تقدّم في شروط التعارض. وغاية ما يوجبه التعارض هو سقوط أحدهما غير المعيّن عن الحجّية لمكان التكاذب بينهما ، فيبقى الثاني لا على التعيين على الحجّية بلا مانع ، وحيث إنّ الّذي هو باق على الحجّية غير متعيّن فلا بدّ من التخيير بينهما.
والجواب : أنّه لا يمكن ترجيح أحدهما بالعمل به على الآخر ؛ إذ