الأمر الثالث
في الحقيقة والمجاز
الحقيقة في الأصل : فعيل بمعنى فاعل ـ من باب ضرب ونصر ـ من حقّ الشيء إذا ثبت ؛ أو بمعنى مفعول من حقّقته أي أثبته ، ثمّ نقل إلى اللفظ الثابت أو المثبّت في مكانه الأصلي.
والتاء في «الحقيقة» للنقل من الوصفية إلى الاسمية.
ومعنى نقل التاء من الوصفية إلى الاسمية أنّ اللفظ إذا صار بنفسه اسما لغلبة استعماله في المعنى الاسمي ـ بعد ما كان موضوعا للمعنى الوصفي ـ كانت اسميّته فرعا لوصفيّته ، فكما أنّ المؤنث فرع المذكر فتجعل التاء علامة للفرعية كما جعلت علامة في لفظ «العلّامة» لكثرة العلم ؛ بناء على أنّ كثرة الشيء فرع تحقّق أصله.
وقيل : إنّ التاء فيها لتأنيث فعيلة ، فإن قلنا : إنّها بمعنى فاعل ، فواضح أنّها على زنة شريفة ؛ وأمّا إن قلنا : إنّها بمعنى المفعول ، فتقدّر منقولة من الوصف المؤنّث المحذوف.
فالحقيقة : هو اللفظ المستعمل فيما وضع له ، فعليه يلزم فيها أمران : الوضع ، واستعمال اللفظ الموضوع في معناه. ومن تضامن هذين الأمرين