التوقّف ، ومنها ما دلّ على الأخذ بما يوافق الاحتياط كأن يدلّ أحدهما على الإباحة والآخر على الحرمة فالعمل على طبق ما يدلّ على الحرمة ، ومنها ما دلّ على الترجيح بمزايا مخصوصة والمرجّحات المذكورة في الروايات.
أمّا الدالّ على التوقّف فروايتان ، إحداهما : مقبولة عمر بن حنظلة ، والأخرى : خبر سماعة بن مهران.
أمّا المقبولة فقد ورد فيها بعد ما فرض السائل تساوي الحديثين من حيث موافقة القوم ومخالفتهم إذا كان كذلك : «فارجئه حتى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» (١).
وأمّا خبر سماعة بن مهران فقد ورد فيه بعد قول الراوي : «يرد علينا حديثان : واحدهما يأمر بالأخذ به ، والآخر ينهانا عنه» قال عليهالسلام : «لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله». وقال الراوي : «قلت : لا بدّ أن نعمل بواحد منهما» يعني حيث كان المورد غير قابل للانتظار السؤال ، قال عليهالسلام : «خذ بما فيه خلاف العامّة» (٢).
ولكن لا يمكن العمل بهما : أمّا المقبولة فمع الإشكال في سندها ، وأنّها غير مقبولة لدينا وإن اعتبرها المشهور كذلك ، فإنّها وردت في خصوص مورد المخاصمة ، ومن الواضح أنّ فصل الخصومة لا يمكن فيه العمل بالتخيير ؛ إذ كلّ منهما يختار ما فيه نفعه ، فتبقى المنازعة والمخاصمة على حالها.
وأمّا رواية سماعة فلأنّها ضعيفة السند فلا يمكن الاعتماد عليها ، مع
__________________
(١) وسائل الشيعة ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ٤٢.