أنّ موردها فيما إذا تمكّن من لقاء الإمام عليهالسلام ؛ لأنّها دلّت على الالتزام بالتوقّف إلى اللقاء ، وذلك يتصوّر في زمان الحضور ، فهي أجنبية عن مثل زماننا.
وأمّا ما دلّ على الأخذ بما يوافق الاحتياط فهو ما رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب غوالي اللآلي عن العلامة رحمهالله مرفوعا إلى زرارة قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟ فقال عليهالسلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر. فقلت : يا سيدي إنّهما معا مشهوران مأثوران عنكم. فقال : خذ بما يقول أعلمهما عندك وأوثقهما في نفسك. فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيان موثقان. فقال : انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه وخذ بما خالف ، فإنّ الحقّ فيما خالفهم. قلت : ربّما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ قال : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر. قلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟ فقال : إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به ودع الآخر ...» (١).
المستفاد من هذا الحديث هو لزوم الأخذ بما يوافق الاحتياط عند تساوي الخبرين ، ولكن لا يمكن الاعتماد عليه لما يأتي :
١ ـ لأنّ هذا الخبر نسبه الأحسائي إلى العلّامة ولم يوجد في كتبه حسب ما تتّبع بعض الأعاظم ، ولم تثبت وثاقة الأحسائي ولا وثاقة كتابه المذكور ، فإنّه قد طعن الكلّ فيهما حتى من ليس دأبه المناقشة في السند ، أعني الشيخ يوسف البحراني في حدائقه.
٢ ـ ولأنّ هذه الرواية مرفوعة ، وبالجملة هي ساقطة عن الاعتبار.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، الجزء ٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.