إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه» (١).
وبهذا المضمون روايات أخرى وهي كثيرة (٢).
ثانيا : الكلام في التجزّي :
المقصود منه أن يكون الشخص عالما بالبعض المعتدّ به من الفقه علما استدلاليا على نحو ما يعلم به الفقيه المطلق بجميع الأحكام. فالكلام فيه في مقامين :
المقام الأوّل : في إمكانه عقلا :
ذهب جماعة إلى استحالة التجزّي في الاجتهاد ، بأن يكون الشخص قادرا على استنباط بعض الأحكام وغير قادر على استنباط بعضها الآخر ؛ وذلك بدعوى منهم أنّ الاجتهاد عبارة عن ملكة يقتدر بها على الاستنباط ، والملكة لا يعقل فيها التركيب ، فلا يعقل التجزّي فيه ، فإن وجدت فهو الاجتهاد المطلق ، وإلّا فلا اجتهاد أصلا.
وذهب الأكثر إلى إمكان التجزّي ، بل ذهب بعضهم إلى وقوعه عادة ، كصاحب الكفاية رحمهالله حيث أفاد أنّ حصول الاجتهاد المطلق مسبوق بالتجزّي عادة ، فيستحيل حصوله دفعة واحدة وإلّا لزمت منه الطفرة (٣).
__________________
(١) وسائل الشيعة ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الكفاية ٢ : ٤٢٨ ، المطبوع مع حاشية المشكيني.