المقام الثاني : في حكمه وجواز العمل على طبقه :
استشكلوا في جواز عمل المتجزّي بفتواه في الموارد التي استنبط الحكم فيها من الأدلّة ؛ لاختلاف أدلّة جواز العمل بفتوى المجتهد وإن كان بعضها يقتضي جواز عمله به.
وأمّا رجوع غيره إليه فيما يقدر على استنباطه من الأحكام فمختار الأساتيذ عدم جوازه ؛ لأنّ موضوع أدلّة جواز التقليد ـ كما عرفت ـ إنّما هو العالم بالأحكام والفقيه ، ومن الظاهر عدم صدق هذا العنوان ونحوه على من كان لا يعرف منه إلّا قليلا في مقابل من لا يعرفه ، ومنه يتبيّن عدم نفوذ قضائه وعدم مضي أمره أيضا ، فإنّ موضوعه ـ كما عرفت ـ هو العالم بأحكام كثيرة معتدّ بها ، وهذا مفقود في حقّ المتجزّي.
ثالثا : الكلام فيما يحتاج إليه المجتهد :
الاجتهاد يفتقر إلى معرفة علوم العربية من النحو والصرف واللغة في الجملة ، أي بمقدار ما يتوقّف عليه فهم المعنى من الكتاب والسنّة النبوية والأخبار المروية عن الأئمة عليهمالسلام ، ولا يكون عن تقليد وإلّا كان مقلّدا ؛ لأنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين ، ولا يحتاج إلى أكثر من ذلك.
وأمّا علم الرجال فلا يخفى احتياج الاجتهاد إليه ؛ لأنّ ملاك جواز العمل بالرواية إنّما هو وثاقة رواتها ، فلا غنى للفقيه عن الرجال ؛ لأنّه الّذي يتكفّل بيان أحوال الرواة الواردين في أسناد الأخبار.
وأمّا علم الأصول فتوقّف الاستنباط عليه أوضح من أن يخفى ؛ ضرورة أنّه لا بدّ في استنباط الأحكام الإلهية من الكتاب والسنّة من معرفة بحث الأوامر والنواهي ، والعموم والخصوص ، والمطلق والمقيّد ، ومباحث