الحجج والأصول العملية العقلية والشرعية ، وبدون معرفتها لا يمكن تحصيل العلم بالوظيفة المقرّرة من قبل الله تعالى.
رابعا : الكلام في التخطئة والتصويب :
لا ريب في وقوع الخطأ في الأحكام العقلية ؛ وذلك لأنّ التصويب فيها أمر مستحيل قطعا ؛ ضرورة أنّ القائل بجواز اجتماع الأمر والنهي ، والقائل بامتناعه مثلا لو كانا مصيبين للواقع للزم منه كون الشيء الواحد ممكنا ومستحيلا ؛ وكذا القائل بالملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة ، والقائل بعدمها لو كانا مصيبين للزم كون الملازمة ثابتة وغير ثابتة. وهو واضح.
وإنّما الخلاف في الأحكام الشرعية ، ونسب إلى الأشاعرة والمعتزلة القول بالتصويب ، يعني أنّ لله تبارك وتعالى أحكاما مختلفة في موضوع واحد حسب اختلاف آراء المجتهدين ، فكلّ حكم أدّى إليه نظر المجتهد ورأيه فهو الحكم الواقعي في حقّه وحقّ مقلّده ، ولا حكم له ولمقلده سواء.
وهذا القول باطل عندنا لصراحة أخبار كثيرة بل متواترة تدلّ على اشتراك الجاهل والعالم في الحكم الواقعي ، بمعنى أنّ لله في كلّ واقعة حكما واقعيا واحدا ثابتا في حقّ كلّ مكلّف علم به أو لم يعلمه. نعم الجاهل معذور إن كان جهله عن قصوره.
فالصحيح أنّ المجتهد لا يصيب دائما بل عليه الاجتهاد والمبالغة فيه حتى المقدور في تحصيل الحكم الواقعي من مدركه ، ويعمل على طبق ما يستفيده من الأدلّة ، وقد يكون استنباطه في علم الله مصيبا للواقع وقد يخطئه ، وحيث كان الخطأ عن قصور كان معذورا لديه تعالى.