العالم وفتواه حجّة ، فلا يكون العمل به عملا بغير علم.
وأمّا ما دلّ على ذمّ التقليد فهو أجنبي عن المقام ؛ لأنّ الكلام في تقليد الجاهل للعالم ، والآية تدلّ على حرمة تقليد الجاهل لمثله ؛ ولذا عقبها سبحانه وتعالى بقوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(١).
مضافا إلى أنّ أكثر ما ورد بهذا المضمون إنّما ورد في أصول الدين ، والكلام في التقليد في الفروع.
ثانيا : في وجوب تقليد الأعلم :
لا ريب في وجوب رجوع العامّي إلى أعلم أهل زمانه في الفقه وما يلزمه ؛ لأنّه آمن من الغير في الخطأ ؛ ولأنّ فتواه حجّة قطعا ، بخلاف غير الأعلم فإنّ حجّية فتواه مشكوك فيها ، فيؤخذ متيقّن الحجّية ويطرح مشكوكها ؛ لما علمت في بحث الحجّة من أنّ الشكّ في الحجّية مثل القطع بعدمها.
ثالثا : في اشتراط الحياة في المفتي :
اختلفوا في كون الحياة شرطا في المفتي على أقوال ، نسب إلى المشهور اشتراطها فيه مطلقا.
وقيل بعدم اشتراطها مطلقا كما عليه المحدثون ، ونسب إلى المحقّق أيضا في أجوبة مسائله ذلك.
وقيل بالتفصيل بين التقليد الابتدائي والاستمراري ، وإنّها شرط في
__________________
(١) المائدة : ١٠٤.