إرادة المعنى الحقيقي وهي قولك : في الحمام ، وحيث يحتمل أن يراد بالأسد الصورة المنقوشة في الحمام ، والتي هي أيضا معنى مجازي للأسد ، واحتمل إرادة الرجل الشجاع وهو معنى مجازي آخر للفظ الأسد ، فافتقرت إلى قرينة أخرى تعيّن المعنى المجازي المراد ، وهي قولك : يغتسل.
وربّما لا نحتاج إلى قرينتين ، بل يكتفى بقرينة واحدة ذات جهتين تفيد فائدتين : صرف اللفظ عن المعنى الحقيقي ، وتعيّن المعنى المراد ، وذلك مثل قولك : رأيت أسدا يخطب. فإنّ قولك : «يخطب» كما يدل على أنّك لم ترد المعنى الحقيقي للفظ «الأسد» ـ وهو الحيوان الجارح المعروف ـ كذلك يدلّ على أنّك أردت منه بملاحظة لفظ «يخطب» رجلا جريئا ، ولم ترد شيئا آخر من المعاني التي يطلق عليها لفظ «الأسد» مجازا.
وربّما لا تكفي قرينة واحدة بل تحتاج إلى قرينتين مختلفتين مثل المثال الأوّل.
ثمّ هل يشترط في المجاز شيء آخر؟
قال بعضهم : لا بدّ مع ما ذكر من استحسان الطبع السليم لذلك الاستعمال ، ولكن المعروف عندهم أنّه يشترط مع ما ذكرناه آنفا من الأمور أمر خامس غير استحسان الطبع ، وهو عبارة عن العلاقة الخاصّة وربط خاصّ بين المعنى الحقيقي والمجازي ، وتلك العلاقة أو الربط المخصوص يعرف من أهل اللغة.
ثمّ نقلوا تلك العلائق وأنهوها إلى خمس وعشرين علاقة ، وهي كما يلي :
١ ـ إطلاق السبب على المسبب ، كاليد على القوّة في قوله تعالى : (يَدُ اللهِ