ومثال آخر : قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) فإنّ صحّته عقلا تتوقّف على تقدير لفظ «أهل» أو ما يرادفه ؛ حتى يكون من باب حذف المضاف ، أو على تقدير معنى «أهل» ؛ كي يكون من باب المجاز في الأسناد.
ومثال آخر : قول القائل : «اعتق عبدك وعليّ ألف» فيكون تقدير الكلام : ملّكني عبدك بألف ، ثمّ اعتقه عني.
ومثال آخر : قول الشاعر (٢) :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف |
ومن الواضح أن صحّته لغة تتوقّف على تقدير «راضون» ؛ كي يكون خبرا للمبتدا «نحن» ؛ لأن «راض» مفرد لا يصلح أن يكون خبرا ل «نحن». والدلالات المقصودة في هذه الأمثلة كلّها من باب الاقتضاء.
فذلكة : المناط في دلالة الاقتضاء شيئان ، الأوّل : أن تكون الدلالة مقصودة ، والثاني : أن يكون صدق الكلام ـ عقلا أو شرعا أو عادة ـ متوقّفا على تلك الدلالة.
وقد تفسّر دلالة الاقتضاء على نحو آخر حاصله : أنّ دلالة الاقتضاء ما إذا توقّفت صحّة المدلول المطابقي للكلام ومعقوليّته على إرادة ذلك المدلول الالتزامي له ، يعني : أنّ الكلام بما له من مدلول مطابقي لا يصحّ أو لا يعقل إلّا مع إرادة تلك الدلالة الالتزامية. ومثاله : ما إذا قال المولى : اعمل بما
__________________
(١) يوسف : ٨٢.
(٢) قيل لعمر بن امرئ القيس الأنصاري ، وقيل لقيس بن الخطيم بن عدي الأوسي الأنصاري.