يخبرك زيد ، وكان كلامه مبنيا على حجّية خبر الفاسق ، ومن الواضح أنّ المدلول المطابقي لهذا الكلام ـ وهو وجوب العمل بما يخبر زيد ـ لا يعقل إلّا مع إرادة مدلوله الالتزامي ، وهو حجّية خبر الفاسق ، ولعلّ المبحوث عنه في الأصول من دلالة الاقتضاء هو هذا المعنى.
٢ ـ دلالة التنبيه أو الإيماء :
وهي أن تكون مقصودة للمتكلّم بحكم العرف ، ولا يشترط توقف صدق الكلام ولا صحّته عليها ، وإنّما سير الكلام وسياقه يوجب القطع بإرادة ذلك المعنى المدلول بهذه الدلالة ـ أي دلالة التنبيه ـ ويستبعد العرف عدم إرادة ذلك ، وهذا هو الفارق بين دلالة التنبيه وبين الدلالة الاقتضاء التي تقدّم ذكرها.
ولدلالة التنبيه موارد نذكر بعضها تمثيلا وتقريبا لذهن الطالب ، مثل : ما إذا كان الحكم قد قرن بشيء بحيث إنّ السياق يقضي بأنّه لو لم يكن ذلك الشيء علّة لما قرن به ، مثل : قوله صلىاللهعليهوآله : «اعتق» عقيب قول الأعرابي : «هلكت ، واقعت امرأتي في شهر رمضان» (١). فعلم من ذلك أنّ الوقاع المذكور علّة لوجوب الكفارة ، وإلّا لبعد الاقتران فكأنّه قال : إذا واقعت في نهار شهر رمضان فكفّر.
٣ ـ دلالة الإشارة :
هذه الدلالة تختلف عن الدلالتين السابقتين بأنّها لا تكون مقصودة للمتكلّم حين التكلّم حسب متفاهم العرف ، ولكن يكون مدلولها لازما لمدلول
__________________
(١) سنن الدارمي ، كتاب الصوم ، الباب ١٩ ، الحديث ١.