المخصوص ، أعني الدعاء أو الاتباع ، إنّما الخلاف والنزاع في أنّ الشارع وضعه لمعنى مخصوص ـ أعني الأركان المخصوصة ـ حتى يكون لفظ الصلاة حقيقة شرعية فيها ، أم لم يضعه للأركان المخصوصة بل استعمل لفظ «الصلاة» في الأركان المخصوصة كثيرا في لسان الشارع والمتشرعة ، ومن كثرة الاستعمال أصبح حقيقة فيها فلا يكون حقيقة شرعية ؛ لأن الشارع لم يضعها للأركان ، بل حقيقة متشرعية ؛ لأنّه صار حقيقة باستعمال المتشرّعة؟
ذهب جماعة من الأصوليين إلى ثبوت الحقيقة الشرعية ، والآخرون إلى عدمها ، وللطرفين أدلّة تعرفها في محلّها.
ونسب إلى القاضي أبي بكر الباقلاني أنّ الألفاظ المتداولة في ألسنة المتشرّعة كانت تستعمل في هذه المعاني التي تستعمل فيها اليوم ، يعني لفظ «الصلاة» كان يستعمل في الأركان المخصوصة كما يستعمل فيها اليوم ، وهكذا الصوم والحجّ. واستدل عليه بقوله تعالى حكاية عن عيسى بن مريم عليهماالسلام : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)(١) ، وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٢) ، وقوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ)(٣) ، وهذه الآيات وغيرها تدلّ على أنّ هذه الألفاظ كانت تستعمل في المعاني المتعارفة عند أهل الشرع في لسان أهل اللّغة.
__________________
(١) مريم : ٣١.
(٢) البقرة : ١٨٣.
(٣) الحج : ٢٧.