ومختار متأخّري المتأخّرين الأوّل.
الجهة الثانية : إفادة مادّة الأمر الوجوب :
المعروف عندهم أنّ لفظ «الأمر» حقيقة في الوجوب ؛ لتبادره منه ، ويؤيّده قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك» (٢) ، وقوله لبريرة ـ بعد قولها : «أتأمرني يا رسول الله» ـ : «لا ، بل أنا شافع» (٣). فعليه تكون مادّة الأمر موضوعة للوجوب ، وهو الطلب الملزم.
وقيل : إنّها موضوعة لمعنى عامّ شامل للطلب الوجوبي والندبي. فعليه تكون مادّة الأمر مشتركة معنى بين الوجوب والندب.
وقيل : إنّها مشتركة لفظا.
ومختار الاعلام أنّها موضوعة للطلب الصادر من العالي ، على ما عرفت ، ولكن العقل حين يرى أنّ العالي بما هو عال يطلب من الداني ، يحكم بلزوم الانبعاث نحو الامتثال ، ووجوب الانزجار عند زجره ، فالوجوب ليس داخلا في معنى مادّة الأمر بل هو مستفاد من العقل.
__________________
(١) النور : ٦٣.
(٢) صحيح البخاري ، كتاب الجمعة ، الباب ٨.
(٣) مستدرك الوسائل ، الباب ٣٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٣.