٣ ـ الواجب النفسي والواجب الغيري :
فالواجب النفسي : ما كان واجبا لأجل مصلحة في نفسه (١) ، ولا يكون واجبا لأجل واجب آخر ، مثل : المعرفة ، فإنّها واجبة لأجل نفسها لا لأجل واجب آخر.
والواجب الغيري : ما كان واجبا لأجل التوصّل إلى واجب آخر ، مثل : الوضوء والغسل والتيمم ، فإنّها تجب لأجل التوصّل إلى مصلحة الصلاة ، فإنّ الصلاة الصحيحة لا تتحقّق إلّا مع الطهارة ، وهو واضح وقد تقدّم.
ثمّ إنّه لا إشكال عندهم في ترتّب الثواب والعقاب على الواجب النفسي ، ولكنّهم اختلفوا في الواجب الغيري : أنّه هل يترتّب عليه ثواب وعقاب علاوة على الثواب المترتّب على الواجب النفسي أم لا؟ ذهب إلى كلّ فريق.
٤ ـ الواجب الأصلي والتبعي :
فالواجب الأصلي : ما كان مقصودا للمولى بنفسه ، ولأجل مصلحة فيه.
والتبعي : ما يكون مقصودا للمولى بتبع غيره.
والفرق بينهما : أنّ الواجب الأصلي يكون معلوما للمولى وهو ملتفت إليه بخلاف الواجب التبعي ، فإنّه يكون مغفولا عنه ، ولكن العبد يعلم أنّه لو كان المولى ملتفتا لأمر به ، مثلما يأمر المولى عبده بشراء اللحم من السوق ، ومعلوم أنّ شراءه يتوقّف على المشي إلى السوق والمساومة مع بايعه عليه ، وحيث إنّ المولى غير ملتفت إلى هذه الأمور التي يتوقّف الشراء عليها ؛ ولذلك لم يأمر بها بل أمر بالشراء فقط ، ولكن العبد العاقل يعلم بأنّ المولى
__________________
(١) هذا على المعروف من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها. والحقّ المحقّق : أنّها تتّبع المصالح في نفس الأحكام ، كما ستطّلع على حقيقة الحال إن شاء الله.