كونها مطابقية أو تضمّنية (١) أو التزامية ، يعني يبحث عن أنّ الأمر بالشيء هل يدل على النهي عن ضدّه بإحدى الدلالات الثلاث : المطابقة أو التضمّن أو الالتزام أم لا؟
ثالثا : قسّموا الضدّ إلى قسمين : الضدّ العامّ ، والضدّ الخاصّ.
والضدّ العامّ للمأمور به عبارة عن تركه.
والضدّ الخاصّ عبارة عن الأفعال الوجودية الأخرى التي لا تجتمع مع المأمور به ، مثل : الأكل والشرب والنوم للصلاة ، فإنّها أضداد خاصّة للصلاة بخلاف الترك فإنّه ضدّ عامّ لها ؛ لأنّه يجتمع مع جميع الأضداد الخاصّة ، مثل : اجتماع الكلّي بأفراده ، فإنّه إذا اشتغل المكلّف بفعل مضادّ للصلاة ـ مثل : الأكل أو الشرب أو المطالعة ـ فلا محالة يلزمه ترك الصلاة الذي هو ضدّ عامّ لها ، فلا يمكن تحقّق الضدّ الخاصّ بدون الضدّ العامّ ، كما هو شأن الكلّي وأفراده.
رابعا : ثمرة هذا البحث الأصولي هي أنّه لو قلنا بأنّ الأمر بالشيء يدلّ على النهي عن ضدّه ، وفرضنا الضدّ أمرا عباديا ، وكان النهي عن العبادة يقتضي فسادها وتكون العبادة فاسدة ، مثل : المثال المعروف أنّه إذا وجد المكلّف في المسجد نجاسة وكان قد حضر وقت الصلاة ، فتكون الصلاة ضدّ المأمور به ، أعني إزالة النجاسة ، فحينئذ هل الأمر بإزالة النجاسة يدلّ على النهي عن الصلاة؟
فإن قلنا : إنّه يدلّ ، فتكون الصلاة باعتبار كونها ضدّا للمأمور به منهيّا
__________________
(١) هذا هو المعروف ، وقد حقّقنا انحصار الدلالة في المطابقية والالتزامية ، والتفصيل في محلّه.