مثلا : إذا أمر المولى بالصلاة كان المأمور به طبيعي الصلاة ، ولا يكون فرد خاصّ مأمورا به بخصوصه ، بل يكون المكلف مختارا في إتيان أيّ فرد شاء من أفراد ذلك الطبيعي ، وحيث تحقّق في المنطق أنّ الطبيعي يتحقّق في الخارج بكلّ فرد ، فإذا أتى المكلف بفرد من أفراد الطبيعي حصل الطبيعي المأمور به ، وحصل الامتثال.
وهكذا الكلام في النهي ، فإنّه أيضا يتعلّق بالطبيعي المطلق ، ولكن حيث إنّ المقصود بالنهي الترك ، أي ترك الطبيعة وإعدامها في الخارج ، وهو لا يتحقّق إلّا بترك جميع أفرادها ، فلا يمكن امتثال النهي إلّا بترك جميع أفراد الطبيعة التي تعلّق النهي بها.
الثالث : لا بدّ لكلّ فعل صادر من المادّيات من زمان عقلا ، إلّا أنّه قد يكون الزمان مشروطا في الواجب بحكم الشارع ، بأن يعيّن وقتا خاصّا له ، فحينئذ يسمّى الواجب مؤقّتا.
ثمّ قد يكون الزمان مساويا للواجب ، مثل : زمان الصوم ، فإنّه بقدر الصوم ، أعني الإمساك.
وقد يكون الزمان أوسع من الواجب بأن يتمكّن المكلّف من إتيان الفعل الواجب فيه عدّة مرّات ، مثل : صلاة الظهر ، فإنّ وقتها على المشهور من الزوال إلى أن يبقى من الغروب مقدار أربع ركعات ، ومعلوم أنّ هذا الوقت أوسع ممّا يحتاج إليه المكلف لإتيان صلاة الظهر.
فإن كان الوقت مساويا للفعل المأمور به فالواجب مضيّق ، وإن كان أوسع فالواجب موسّع.
ثمّ اختلفوا في الموسّع وقيل : إنّ الوقت الأصلي للواجب هو ما يسعه من أوّله.