طلبتها من أبي بكر بدعوى النحلة او الميراث ، فدفعت عنها ، وإعطاء ابن أبي سرح جميع ما أفاء الله على المسلمين من فتح افريقية . (١) إلى غير ذلك مما يضيق به المقام والتي كان آخرها إرساله إلى ابن أبي سرح ـ واليه على مصر ـ كتاباً يأمره فيه بقتل قوم من المسلمين ! (٢) مما لم يدع مجالاً للسكوت أو الإِغضاء ، فكان آخر ما قام به المقداد في هذا المضمار ـ هو وتسعة نفر من الصحابة ـ أن وجهوا الى عثمان كتاباً يحتوي على سرد بعض الأمور التي خالف بها سنّة رسول الله ( ص ) وسنّة صاحبيه ـ كما يقول ابن قتيبة ـ . وتعاهدوا ليدفعن الكتاب في يد عثمان ! ومضى عمار بن ياسر بالكتاب ، فكان الرد أن ضُرب وفتقت بطنه (٣) .
إن
هذه المواقف من المقداد حيال تصرفات الخليفة ، تركت ولا شك أسوأ الأثر في نفسه وعرضته لغضبه وسخطه ، وحقد بني أمية حتى مات وعثمان ساخط عليه ، أو بالاحرى هو ساخط على عثمان كما روي ذلك
____________________
= الخزاعي وانشد الأبيات التي أولها :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا |
|
برد مأمون هاشم فدكا |
فلم تزل في أيديهم حتى حكم المتوكل فأقطعها عبد الله بن عمر البازيار ، وكان فيها آنذاك إحدى عشر نخلة غرسها رسول الله ( ص ) بيده ، وكان بنو فاطمة يأخذون ثمرها ، فإذا قدم الحجاج أهدوا لهم من ذلك التمر فيصلونهم فيصير اليهم من ذلك مال جزيل ؛ فوجه عبد الله البازيار رجلاً يقال له : بشران بن أمية الثقفي الى المدينة ، فقطع ذلك النخل ، فرجع الى البصرة فَفُلِج !! راجع ( شرح النهج ١٦ / ٢٠٧ إلى ٢١٧ ) .
(١) : للتفصيل ، راجع كتاب ( ابو ذر الغفاري ) من ص ١٠٧ إلى ١١٤ وشرح النهج ١ / ١٩٨ وما بعدها .
(٢) : مروج الذهب ٢ / ٣٤٤ وغيره من المصادر .
(٣) : راجع الإِمامة والسياسة ١ / ٣٥ .