والآن لنرجع تارة أُخرى إلى جروح القميّين وحال بعض من اتّهموا بالغلو ، لنرى هل حقّا أنَّ من اتُّهم بالغلوِّ هو غالٍ ، أم أنَّ ذلك قد ابتنى على مقدِّمات غير صحيحة.
قال ابن الغضائري : محمّد بن أورمة ، أبو جعفر القمّي ، اتَّهمه القميّون بالغلوّ وحديُثُه نقيُّ لا فساد فيه ، ولم أر شيئا ينسب إليه ، تضطرب في النفس إلاّ أوراقا في تفسير الباطن ، وما يليق بحديثه ، وأظنها موضوعة عليه ، ورأيت كتابا خرج من أبي الحسن علي بن محمد [ الهادي ] إلى القميين في براءته ممّا قذف به [ وحسن عقيدته ، وقرب ] منزلته ، وقد حدّثني الحسن بن محمد بن بندار القمّي ، قال : سمعت مشايخي يقولون : إنّ محمّد بن أورمة لمّا طعن عليه بالغلوّ [ اتّفقت [ الاشاعرة ليقتلوه ، فوجدوه يصلّي اللّيل من أوّله إلى آخره ليالي عديدة فتوقفوا عن اعتقادهم (١).
وقال النجاشي : محمد بن أورمة ، أبو جعفر القمي ، ذكره القميّون وغمزوا عليه ورموه بالغلوّ حتّى دُسَّ عليه من يفتك به ، فوجده يصلي من أوّل اللّيل إلى آخره ، فتوقفوا عنه ، وحكى جماعة من شيوخ القميّين عن ابن الوليد أنّه قال : محمد بن أورمة طعن عليه بالغلوّ ، وكلّ ما كان في كتبه مما وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره فَقُلْ بِهِ ، وما تفرّد به فلا تعتمده ، وقال بعض أصحابنا : أنّه رأى توقيعا من أبي الحسن الثالث إلى أهل قمّ في معنى محمد بن أورمة وبراءته ممّا قذف به ، وكتبه صحاح إلاّ كتابا ينسـب إليه ترجمته تفسير الباطن فإنّه مخلّط ... (٢).
وقال الشيخ في الفهرست : ... قال محمد بن علي بن الحسين [ بن بابويه ] : محمد بن أورمة طعن عليه بالغلوّ ، فكلّ ما كان في كتبه ممّا يوجد في كتب
__________________
(١) رجال ابن الغضائري : ٩٣ / ت ١٣٣ ، وانظر مجمع الرجال ٥ : ١٦٠.
(٢) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٣٢٩ / الترجمة ٨٩١.