الحسين بن سعيد وغيره فإنّه يعتمد عليه ويُفتى به ، وكلّ ما تفرّد به لم يجز العمل عليه ولا يعتمد (١).
فتأمّل في كلام القميّين فإنّهم كانوا يخافون أن يكون ابن أورمة من الغلاة الباطنية الذين يعتقدون ان الصلاة والزكاة والحج وصوم رمضان ، كلُّ منها إنّما هو رجل ، بل كلّ فريضة فرضها اللّه تبارك وتعالى على عباده هو رجل ، وقد أشار الإمام الصادق عليهالسلام إلى تلك الأفكار الباطلة في جواب كتابٍ للمفضل بن عمر ، فقال معترضاً : « وأن من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل ... وأنّهم ذكروا أنّ من عرف هذابعينه وثبت في قلبه جاز له أن يتهاون ، فليس عليه أن يجتهد في العمل ، وزعموا أنّهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها وإن هم لم يعملوا بها ... ، فأُخبرك أنّه من كان يدين اللّه بهذه الصفة التي كَتَـبْتَ تسألُني عنها فهو عندي مشرك باللّه بيّن الشرك ، لا شك فيه (٢).
بلى أنّ هناك روايات تشير إلى أنّ الأعمال متوقفة على الاعتقاد بإمامة الأئمة ، وأنّ الصلاة والصوم والحج لا تقبل إلاّ بولايتهم ، لكن هذا لا يعني أنّهم لو تولوا الأئمّة لسقطت عنهم الصلاة والصيام والحج ، فالولاية هو شرط قبول الأعمال لا سقوط الأحكام ، ومن خلاله يتضح الفرق بين الشيعي والمغالي.
فلو كان الغلوّ عندهم بهذا المعنى فلا اختلاف بين المسلمين في أنّه كفر ، قال المجلسي الأوّل : واعلم أنّ الظاهر أنّ ابن عيسى أخرج جماعة من قُمّ باعتبار روايتهم عن الضعفاء وإيراد المراسيل في كتبهم ، وكان اجتهادا منه في ذلك ، وكان الجماعة يروون للتأييد (٣) ، ولكنّها في الكتب المعتبرة ، والظاهر خطأ ابن
__________________
(١) الفهرست : ٢٠٢ / الترجمة ٦٢٠.
(٢) بصائر الدرجات : ٥٤٦ / ح ١. وانظر دعائم الإسلام ١ : ٤٥ ـ ٥٦ / باب ذكر منازل الأئمّة ، وعنه في مستدرك الوسائل ١ : ١٣٨.
(٣) أي من باب المتابعات والشواهد لما ورد أولاً ، وهي طريقة مشهورة لدى المحدثين ، واستخدمها المحمّدون الثلاثة كثيرا.