الحكم الإلهيّ ، فأشاروا عليه بأشياء استقبح الرسول بعضها ، ورضي بالآخر منها.
وفي آخر : إنّ عمر أضاف الشهادة بالنبوّة في الأذان (١) ، إلى غيرها من التمحّلات الكثيرة التي أُسْقِطَتْ على الأذان وحرّفته عن وجهته الحقيقية.
في حين قد وقفت سابقا على كلام الإمامين الحسن والحسين وكلام محمد بن الحنفية وغيرهم في بدء الأذان وعدم قبولهم لما طُرح من قبل الامو يّين في هذا الأمر ، مؤكِّدين بأنّ اللّه سبحانه رفع ذكر الرسول في الصلاة والتشهد والأذان (٢) ، فلا حاجة بعد ذلك لمدح المادحين ولا خوف من جحود الضالّين المعاندين.
وممّا يجب التنبيه عليه كذلك هو أنّ قريشا كانت تقول لمن مات الذكور من أولاده : أبتر ، فلمّا مات أبناء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : ـ القاسم وعبداللّه بمكة ، وإبراهيم بالمدينة ـ قالوا : بُتِرَ ، فليس له من يقوم مقامه (٣).
فنزلت سورة الكوثر ردّا على من عابه بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه جل شأنه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان.
قال الفخر الرازي : فانظُرْ كم قُتِلَ من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم ، ولم يبق من بني أُميّة في الدنيا أحد يُعبأ به.
ثم انظُر كم فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ، والنفس الزكية وأمثالهم (٤).
__________________
(١) روى ابن خزيمة عن ابن عمر أنّ بلالاً كان يقول أول ما أذن : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، حي على الصلاة ، فقال له عمر : قل في أثرها أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : قل ما أمرك عمر. صحيح ابن خزيمة ١ : ١٨٨ / ح ٣٦٢ ، كنز العمال ٨ : ١٥٧ / ح ٢٣١٥٠٤.
(٢) انظر تفسير قوله تعالى ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ، في تفسير الطبري ٣٠ : ٢٣٥ ، والتفسير الكبير ٣٢ : ٦ ، والكشاف ٤ : ٧٧٥ ، وكذلك في مسند الشافعي : ٢٣٣ / كتاب الرسالة إلاّ ما كان معادا ، ومصنّف بن أبي شيبة ٦ : ٣١١ / ح ٣١٦٨٩ ، وسنن البيهقي الكبرى ٣ : ٢٠٩ / باب ما يستدل به على وجوب ذكر النبي / ح ٥٥٦٢.
(٣) التفسير الكبير ٣٢ : ١٢٤ ، تفسير القرطبي ٢٠ : ٢٢٣. وانظر طبقات ابن سعد ٣ : ٧.
(٤) التفسير الكبير ٣٢ : ١١٧.