المؤمنين مخالِفا للشرع كان عليه النهي عنه لأ نّه نهي عن المنكر ، فإذا لم ينه عنه علمنا أنّه ليس منهيّا عنه وليس بمنكر ، لأنّ المعصوم لا يترك المأمور به يقينا ولا يرتكب المنهيّ عنه.
وللمعصوم خصوصية أُخرى غير التكليف ، وهي ائتمانه على ودائع النبوة فلا يعقل أن يفوّت الحافظ للدين والامين على الشريعة غرضه كما هو المشاهد في الشهادة الثالثة ، فلو لم يكن سلوكهم مرضيا عنده عليهالسلام لنهى عنه ، لأ نّه تهديد فعلي لأغراض الشريعة التي جاء من أجلها ، كل ذلك بناءً على تمامية اجماع الطائفة على جواز الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان.
وأمّا ما قيل من عدم إمكان الاستفادة من هذا فيما نحن فيه : « لأنّ سكوت المعصوم في غيبته لا يدلّ على إمضائه ... فلأ نّه غير مكلّف في حالة الغيبة بالنهي عن المنكر وتعليم الجاهل ، وليس الغرض بدرجة من الفعليّة تستوجب الحفاظ عليه بغير الطريق الطبيعي الذي سبب الناس انفسُهُم إلى سَدِّهِ بالتسبيب إلى غيبته » فلا نقبله ؛ لأنّ الإمام هو حجة اللّه في الأرض وبمقدوره إيصال ما يريده اللّه سبحانه عن طريق نوابه الفقهاء وأُمناء اللّه على حلاله وحرامه وعن طريق الصالحين وغيرها من الطرق الصحيحة ، وخصوصا أنّه ميزان الشرع الذي لولاه لضاع الدين ، ولا يخفى عليك بأنّ اللّه قد أعدّ لهذا الدين من ينفي عنه تحريف الغالين ، لقوله عليهالسلام : إنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عُدُولاً ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأو يل الجاهلين (١).
وعليه فإنّ المعصوم لا يسكت عن الزيادة والنقصان في الدين ، فيما لو كان هناك إطباق على الزيادة أو النقيصة أو إجماع على الخطأ عند الطائفة ، بل إنّ
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٢ / ح ٢ ، وعنه في الوسائل ٢٧ : ٧٨ ، وانظر بحار الأنوار ٢٧ : ٢٢٢ ، و ٨٩ : ٢٥٤ ، ومستدرك الوسائل ١٧ : ٣١٣ / ح ٢١٤٤٤ ، وأنظر مسند الشامين : ٣٤٤ ، مشكاة المصابيح ١ : ٨٢ ، الفوائد لتمام الرازي ١ : ٣٥٠.