يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم ... إلى آخر كلامه رحمهالله (١).
نعم ، وردت الأخبار في تفويض الأحكام إلى النبيّ والأئمّة. ولهذا مبحث مفصل مذكورٌ في مظانّه.
إنّ فكرة الغلوّ لم تكن وليدة العصور المتأخّرة ، بل هي قديمة بقدم تاريخ الإنسان.
فالناس لما أُرسل إليهم الرُّسل كانوا يتصوّرون لزوم كونهم ملائكة وأنّهم ليسوا من أصناف البشر ، واللّه سبحانه يؤكّد في كتابه مرارا بأنّ المرسلين هم أُناس يأكلون ويمشون في الأسواق ، وهم بشر كغيرهم من الناس وليس لهم الخلد ، فقال سبحانه : ( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَآءَ هُمُ الْهُدَى إلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرَا رَّسُولاً * قُل لَّوْ كَانَ فِي الاْءَ رْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ مَلَكا رَّسُولاً ) (٢).
وقال تعالى : ( وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكا لَّقُضِيَ الاْءَ مْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ) (٣).
وقوله تعالى ( ما المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ ) (٤) ، وقوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلاَّ أنّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعاَم وَيَمْشُونَ فِي آلاْءَسْواقِ ) (٥) ، وقول نبي اللّه أَيَّوب كما حكاه القرآن : ( وأَيُّوب إِذْ نَادَى رَبَّهُ إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (٦) ، وقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ متَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ
__________________
(١) بحار الانوار ٢٥ : ٣٤٧.
(٢) الاسراء : ٩٤ ـ ٩٥.
(٣) الانعام : ٩.
(٤) المائدة : ٧٥.
(٥) الفرقان : ٢٠.
(٦) الأنبياء : ٨٣.