العباد ، وأشباههما لصحّ كلام الصدوق رحمهالله ، لكنّ الحال لم يكن كذلك.
فكل ما نقف عليه هو الشهادة بالولاية والإمرة لعلي ، وهذا بنحو عام يقبله الجميع ولا يختلف فيه اثنان ؛ فالاختلاف والبحث وقع في معناها الخاص وورودها أو عدم ورودها في خصوص الأذان.
بل ما الذي يستفيده المفوّضة من وضع هكذا أخبار :
١ ـ محمد وآل محمد خير البرية.
٢ ـ عليٌّ أمير المؤمنين حقا.
٣ ـ عليٌّ ولي اللّه.
فهل نَقْلُ هكذا روايات تساعدهم لإثبات فكرة التفويض؟ وهل فيها ما يثبت بأنّ اللّه قد فّوض أمر الخلق إلى عليٍّ وأولاده المعصومين؟
فلو كان في هذه الجمل ما يدل على التفويض ، لكان لقائل أن يقول أنّ الشهادة للنبي بالرسالة هو الآخر من علائم التفويض؟ لان فيه جعله أمينا على الرسالة؟
ولو صحّ كلام الصدوق رحمهالله فلماذا لا تكون الروايات الاُخرى ـ والتي أفتى بها هو (١) ، وما جاء في الكتاب المنسوب إلى والده (٢) في دعاء التوجّه إلى الصلاة ، والتشهد والتسليم ، وخطبة الجمعة ، وكلّها فيها ما يدلّ على الإقرار بالشهادة بالولاية ـ هي من وضع المفوّضة؟
إنّها تساؤلات يجب بحثها لاحقا بكلّ هدوءٍ وتروِّ ، مراعين التجرّد والإنصاف.
وممّا يؤسف له حقّا أنّ بعض الكتّاب الجُدُد أرادوا الخدش والطعن في بعض الروايات الصحيحة المعتبرة ، باتّهام رواتها بالغلوّ والتفو يض والوضع ؛ لأ نّهم رووا بعض العقائد التي لا تتحملها عقولهم (٣) ، جريا مع من سبقهم ، في حين أنّ
__________________
(١) المقنع : ٩٣ ، ٩٦ الفقيه ١ : ٣٠٤ / ح ٩١٦ ، والصفحة ٣١٩ / ح ٩٤٥.
(٢) فقه الرضا : ١٠٤ ، ١٠٨ ، ١٠٩.
(٣) انظر كلام الدكتور حسين المدرسي الطباطبائي في (المباني الفكرية للتشيع) الفصل الثاني.