كأبي جعفر محمّد بن أُرومة القمّيّ ، لرأيت أن تجريحهم لأولئك يبتني على أُمور أثبت التحقيق أنّها باطلة.
ونموذج ذلك أنّهم كانوا يتعقَّبون ( ابن أورمة القمي ) وأمثاله كي يقتلوه ، اعتقادا منهم بأ نّه كغالب الغلاة والمفوّضة الذين لا يُؤَدُّون الصلاة ، ولكن حين أتوا إليه ورأوه يؤدي الصلاة تركوه وشأنه ، ووقع مثل ذلك في غير ابن أورمة ، حيث كانوا يتّهمونهم بالغلوّ والتفويض ، لكنهم إذا رأوا صـلاتهم وعبادتهم ، رجعوا عن ذلك الاتّهام وتركوهم وشـأنهم (١).
وعلى هذه الحالة والمِنوال اتُّهمَت طائفة بالتفو يض وأُخرى بالغلو تبعا لمتبنَّياتٍ خاطئة ، وربّما كان بين أُولئك من يعتقد بعض الاعتقادات الخاصّة ، ولكن ليس بذلك الحدّ الذي يستحقّون فيه تلك الشدَّة من تعامل القمّيّين معهم أو إخراجهم من المذهب ، لأنَّ اعتقاداتهم تلك يقرّها ـ أو لا تنافي ـ القرآن والسنة المطهرة ، فكيف يجوز والحال هذه إخراجهم من المذهب ، وعلى الأخص إذا علمنا أنّ عقائدهم تلك لم تكن في حدود الغلوّ أو التفويض ، بل من المعرفة والإيمان ، وهؤلاء الرجال وقعوا بين مطرقة الإفراط وسندان التفر يط ، ولكنّ شدّة حساسية القميّين إزاء هذا الموضوع جعلتهم عرضة لأُمور قد أثّرت على تاريخهم وحياتهم فيما بعد. والآن مع دراسة منهج القمّيين والبغداديين في العقائد وبيان نماذج من أُصول الجرح والتعديل عندهم.
__________________
(١) رجال ابن الغضائري : ٩٦ / ت ١٥٨ ، فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٣٢٩ / ت ٨٩١ ، الخلاصة للعلاّمة : ٣٩٧ / ت ٢٨ ، رجال ابن داود : ٢٧٠ / ت ٤٣١ ، معجم رجال الحديث ١٦ : ١٢٤ / ت ١٠٣١٤. قال الميرداماد في الرواشح السماوية : ١٨٢ ثم ان ابن الغضائري مع أنّه في الأكثر مسارع إلى التضعيف بأدنى سبب قال في محمد بن اورمه : اتهّمه القميّون بالغلوّ وحديثه نقيّ لا فساد فيه ، ولم أر شيئا ينسب إليه تضطرب فيه النفس إلاّ أوراقا في تفسير الباطن وأظنّها موضوعة عليه ، ورايت كتابا خرج عن أبي الحسن إلى القميين في براءته مما قذف به.