فخرجت منها هاربا (١).
ومما يمكن أن ننقله في هذا السياق كذلك هو تعليقة الوحيد البهبهاني على صحيحة الحلبي عن أبي عبداللّه [ الصادق ] ، وما قاله لزكريا بن آدم ، إذ قال البهبهاني : إنّ أهل قمّ ما كانوا مبتلين بذبيحة المخالف (٢) أصلاً حتّى تتحقق لهم التقية أو عسر رفع اليد عن الأكل ، لأنّ ذبيحتهم كلّها كانت من الشيعة (٣) ، وهذا يعني أنّ كلّ أهلها كانوا شيعة.
قال المقدسي في « أحسن التقاسيم » : وأهل قم شيعة غالية (٤). وقال الشريف الإدريسي : والغالب على أهل قم التشيع ، وأهل قاشان الحشوية (٥). وقال ابن الأثير الجزري : وهي بلدة بين إصفهان وساوة كبيرة ، وأكثرها شيعة (٦).
وممّا يمكن أن يقال في سبب انتقال مدرسة أهل البيت من الكوفة وبغداد إلى قمّ هو الضغط الشديد الذي كان يلاقيه فقهاء الشيعة وعلماؤهم من الحكّام الأمويّين والعباسيين في العراق وغيرها ، وقد تغيّر الحال زمن البو يهيين ، فصارت بغداد ملتقى العلماء والمحدّثين ، فسافر إليها ابن داود القمّي ، وابن قولويه ، وابنا بابو يه ، والكليني وغيرهم من أعلام المحدّثين.
هذا عرض سريع لتاريخ هاتين المدينتين ، قم وبغداد ، ولابدّ من التمهيد إلى ما نريده بهذا الصدد ، وهل هنالك منهجان عند قدماء محدثي وفقهاء الشيعة أم هما منهج واحد يختلفان في بعض النقاط؟
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٣ : ٢٣٣.
(٢) المقصود من المخالف هنا الناصبي ، للاجماع على جواز أكل ذبيحة المخالف من أهل السنة.
(٣) حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٦٥٣.
(٤) احسن التقاسيم ١ : ٢٦٧.
(٥) نزهة المشتاق ٢ : ٦٧٦.
(٦) اللباب في تهذيب الانساب ٣ : ٥٥.