وقد اتّبع السيّد المرتضى أُستاذه في ردّ المحدثين فكتب رسائل في ذلك كرسالة الرد على أصحاب العدد ، ورسالة في إبطال العمل بأخبار الآحاد ، واتّهم القميين كافّة بالتجسيم ، إذ قال :
أنّ القمّيّين كلّهم من غير استثناء لأحد منهم ـ إلاّ أبا جعفر ابن بابويه ـ بالأمس كانوا مشبِّهةً مجبِّرةً ، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به ، فليتَ شعري أيُّ رواية تخلص وتسلم من أن [ لا ] يكون في أصلها وفرعها واقفٌ ، أو غال ، أو قمي مشبهٌ ، والاختبار بيننا وبينهم التفتيش ، ثمّ لو سَلِمَ خبرُ أحدهم من هذه الأُمور ، لم يكن راويه إلاّ مقلدٌ بحت معتقدٌ لمذهبه بغير حجّة ودليل (١) ....
وقد كتب العلاّمة الفتوني العاملي المتوفى ١١٣٨ ه رسالة باسم ( تنزيه القمّيّين ) في جواب السيّد المرتضى ، وقد طبعت هذه الرسالة في مجلة تراثنا ، العدد ( ٥٢ ) ، الرابع للسنة الثالثة عشر / شوال ١٤١٨ ه.
وقد سمّى الشيخ المفيد في الفصول المختارة هؤلاء الشيعة : ... جماعة من معتقدي التشيّع غير عارفين في الحقيقة ، وإنّما يعتقدون الديانة على ظاهر القول ، بالتقليد والاسـترسال دون النظر في الأدّلة والعمل على الحجّة ... (٢).
ووصف الشيخ الطوسي هؤلاء المقلّدة في أصول الدين ، بقوله : إذا سُئلوا عن التوحيد أو العدل أو صفات اللّه تعالى أو صحّة النبوة قالوا : كذا رو ينا ، ويروون في ذلك كلّه الأخبار (٣).
ومن خلال ما سبق اتضح لنا وجود بعض التخالف بين منهج القمّيّين ومنهج البغداديّين في العقائد والفقه ـ أو قل اختلاف المباني والسلائق بينهم ـ إذ ان المنهج الاول غالبا ما يعتمد على الاحاديث تبعا لمشايخهم دون لحاظ ما يعارضه
__________________
(١) رسائل المرتضى ٣ : ٣١٠.
(٢) الفصول المختارة : ١١٢ طبع ضمن مصنفات المفيد / ج ٢.
(٣) العدة للشيخ الطوسي ١ : ١٣٣.