وعلى بيعهم بساتين العنب والنخيل مع العلم بجعل بعضه خمرا ، وعلى معاملة الملوك والأمراء فيما يعلم صرفه في تقوية العساكر المساعدين لهم على الظلم والباطل ، وعلى إجارة الدور والمساكن والمراكب لهم ، إلى غير ذلك.
فالمحقق الثاني تخلّص عن هذا الإشكال ، بأنّ المعتبر في صدق الإعانة قصد البائع ترتب الحرام ، والبائع في هذه الموارد لم يقصد ذلك وإن علم به.
وقال المصنّف : إنّ قصد الغير لفعل الحرام معتبر قطعا في حرمة فعل المعين ، فلو علم إرادته من الطعام المشترى التقوي به على المعصية حرم البيع منه ، وأمّا العلم بأنّه يحصل له قوّة عليها فلا يوجب التحريم ، فكلامه هنا ناظر إلى هذا التفصيل وأنّ البائع غالبا لا علم له بإرادة المشتري ذلك.
ولكن هنا شيء وهو أنّ هذا الكلام من المصنّف كان على مبنى حرمة الشرط المأتي به بقصد التوصّل إلى الحرام وقد منع ذلك هو إلّا من حيث صدق التجري.
وفي مصباح الفقاهة أنكر حرمة الإعانة على الإثم وجعل استقرار هذه السيرة من أدلّة جوازها. (١)
جواب الأستاذ الإمام (ره) عن الإشكال ونقد جوابه
والأستاذ الإمام (ره) قال في مقام الجواب عن هذا الإشكال ما ملخّصه :
«أمّا عن السيرة ببيع المطاعم للكفار وبيع العنب لهم فحكم العقل بالقبح وصدق الإعانة على الإثم فرع كون الإتيان بما ذكر إثما وعصيانا ، وهو ممنوع ـ لا لكون الكفار غير مكلفين بالفروع فإنّ الحقّ أنّهم مكلفون ومعاقبون عليها ـ بل لأنّ أكثر هم إلّا ما قلّ وندر قاصرون لا مقصّرون ، أمّا عوامّهم فظاهر ، لعدم انقداح خلاف ما هم عليه من المذاهب في أذهانهم ، بل هم قاطعون بصحّة مذهبهم وبطلان سائر المذاهب ، نظير عوامّ المسلمين ، والقاطع معذور في متابعة قطعه ولا يكون آثما وعاصيا. وأمّا غير عوامّهم فالغالب فيهم أنّه بواسطة التلقينات من
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ١٨٣ ، في المسألة الثالثة من القسم الثاني من النوع الثاني.