ما هو الحق في الجواب عن الإشكال؟
والحقّ أن يجاب بأنّ الأمثلة التي ذكروها في المقام مختلفة متفاوتة بحسب نظر العرف وإن اشترك الجميع في إيجاد شرط من شروط الحرام. ففي بعضها لا تصدق عنوان الإعانة على الإثم عرفا كتجارة التاجر وسير الحجّاج والزوّار مع علمهم بأخذ الضرائب والكمارك منهم ، حيث إنّ التاجر مثلا يكون مشتغلا بحرفته الحلال مقبلا على شأنه ولكن الظالم هو الذي يسدّ عليه الطريق قهرا فيضطرّ لدفع شرّه إلى إعطاء الضريبة له.
ومن هذا القبيل أيضا بناء المساجد والمدارس والمشاهد ونحوها وإقامة مجالس الإرشاد والوعظ والتعزية بقصد القربة مع العلم بأنّه قد يحضر فيها من يتفكّه بالكذب والنميمة والغيبة والتهمة ، أو ينظر إلى النساء الأجانب ونحو ذلك.
فالإقدام على هذه الخيرات والأعمال الحسنة لا يعدّ إعانة على الإثم وإن وجد بها أرضيّته.
ومن هذا القبيل أيضا بيع المطاعم والمشارب وسائر الحاجات العامّة في السّوق مع العلم إجمالا بأنّ الكفّار والظالمين والعصاة أيضا في عداد المبتاعين لها ولا محالة يتقوّون بها ويديمون الكفر والظلم والمعاصي ولكن لا يقصد البائع ببيعه ذلك ولا المشتري التقوي بها على الظلم والمعصية بل إدامة الحياة والتعيش على وزان سائر الناس.
ومثل هذا البيع لو كان قبيحا وحراما لقبح على الله ـ تعالى ـ أيضا خلقهم وإدامة حياتهم ورزقهم بأنواع رزقه مع علمه بأنّهم يتقوّون بذلك ويعصونه ، والأحكام العقلية تنطبق على الله ـ تعالى ـ أيضا ولا تخصيص فيها.
ومن هذا القبيل أيضا تمكين الزوجة لزوجها أداء لحقّه المشروع مع علمها بتركه لغسل الجنابة. إلى غير ذلك من الأمثلة.
وإنّما الإشكال فيما إذا كان في البين بيع وشراء أو أخذ وإعطاء وكان الشراء أو الأخذ بقصد الانتفاع المحرّم والبائع أيضا يعلم ذلك ومع ذلك يبيعه له أو يعطيه كبيع العنب لمن يشتريه للتخمير ، وبيع المساكن والمراكب أو إجارتها بل وبيع المطاعم والمشارب ممّن يعلم