دفع المنكر لعدم كونه فعلا مقدورا له ...
فإن قلت : هب أنّ الواجب على كلّ واحد ما يتمشّى منه من المقدمات إلّا أنّ إيجاد المقدمة مع عدم حصول الغرض لغو فيسقط حينئذ الوجوب بالعلم باللغوية.
قلت : نمنع أنّ اللغوية مسقطة للطلب ، نعم إذا فرض تحقق العصيان من البعض يسقط الخطاب عن البقية ، ففي مسألة بيع العنب لا يجوز البيع إلّا بعد عصيان غيره بالبيع ، وإلّا فالبناء على العصيان غير مسقط للخطاب ...» (١)
أقول : لا يخفى أنّ ما ذكره أخيرا يناقض ما بنى عليه من كون كلّ مقدمة بنفسها واجبا نفسيا مستقلا على كلّ واحد ، إذ عصيان بعضهم لا يوجب تخلف غيره عما وجب عليه ، حيث إنّ الغرض بمنزلة الحكمة لا العلّة ، وتخلّف الحكمة لا يوجب سقوط الحكم.
نقد الأستاذ الإمام (ره) كلام السيد الطباطبائي
والأستاذ الإمام (ره) أطال الكلام في ردّ كلام السيّد في المقام. (٢) ومحصّل ما ذكره أمران :
«الأوّل : أنّ أوامر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تفي بما ذكره بعد ما كان وجوبهما شرعيا لا عقليا كما هو مذهبه. وذلك لأنّ تلك الأوامر كغيرها في سائر الأبواب متوجّهة إلى آحاد المكلّفين لا إلى مجموعهم ، ولا يعقل أن تكون متوجهة إلى الآحاد مستقلا وإلى المجموع بلفظ واحد ، فحينئذ يكون إيجاب الدفع على طبق الرفع أيضا متوجها إلى الآحاد فلم يكن أمر متوجها إلى المجموع حتى يقال : لا بدّ من إرجاعه إلى السبب.
الثاني : أنّ متعلق الأوامر هو الرفع المفهوم منها الدفع أو الدفع أيضا ولا يكون الدفع غير مقدور مطلقا. وكونه في بعض الأحيان غير مقدور لا يوجب إرجاع
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ٨ ، ذيل قول المصنّف : مدفوع بأنّ ذلك ...
(٢) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني (ره) ، ج ١ ، ص ١٣٩ (ط اخرى ، ج ١ ، ص ٢٠٩) في النوع الثاني من القسم الثاني.