الأمر إلى السبب بالنسبة إليه حتى يكون مفاد الأمر الواحد في المقدور شيء وفي غيره شيء آخر. ولو فرض فهم ذلك من الأوامر بإلقاء الخصوصية فلا يلزم منه الإرجاع إلى السبب ، فإنّ الأمر كما يتعلق بآحاد المكلفين يمكن أن يتعلق بمجموع منهم ، فيكون الأمر واحدا والمأمور به واحدا هو المجموع ، ويشترط فيه عقلا قدرة المجموع لا الآحاد فتكون الطاعة بإيجاد المجموع والعصيان بتركهم أو ترك بعضهم.»
الفائدة الثالثة عشرة :
إلفات آخر الى الواجب العيني والكفائي (١)
أقول : لا يخفى أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة في الأفعال ، وعلى هذا فتصير الواجبات على قسمين :
إذ قد تكون المصلحة في صدور الفعل عن الفاعل بقيد صدوره عن نفسه كالصلاة مثلا ، حيث إنّ الغرض منها قرب الفاعل إلى مولاه.
وقد تكون المصلحة في أصل تحقق الفعل في الخارج بلا دخل لصدوره عن فاعل خاصّ في ذلك كالأمور المرتبطة بتجهيز الموتى من المسلمين وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رفعا ودفعا وحفظ ثغور المسلمين والدفاع عن المظلومين ونحو ذلك.
ويسمّي القسم الأوّل من الواجبات بالواجبات العينية ، والقسم الثاني بالواجبات الكفائية. والقسم الثاني أيضا على صنفين : إذ بعضها مما يقدر كلّ فرد على إيجاده ، وبعضها مما لا يقدر البعض على إيجاده إلّا بمساعدة غيره معه. والمطلوب في كلا الصنفين أصل تحقق المطلوب.
وحينئذ فربما يتخيل أن المأمور والمكلّف في الواجبات العينية كل شخص والمأمور في الواجبات الكفائية مجموع المكلفين ، ولكن بإتيان من به الكفاية تسقط عن الباقين.
ولعلّ هذا هو الظاهر مما ذكره الأستاذ هنا في الأمر الثاني.
__________________
(١) لا يخفى أن تعرض الأستاذ ـ دام ظلّه ـ هنا للواجب العيني والكفائي مع أن محلّه بحث الأوامر ـ وقد تعرض هناك ـ كان بمناسبة نقد كلام السيد الطباطبائي في الواجبات والمحرّمات الاجتماعية ـ اللجنة ـ