الفائدة الثالثة :
تطابق المفهوم مع المنطوق
«محل البحث تطابق المفهوم مع المنطوق ، وأن المفهوم فيما إذا كان الموضوع للجزاء عاما استغراقيا ـ سواء كان الحكم ثبوتيا بأن كانت القضية موجبة كلية ، او سلبيا بأن كانت القضية سالبة كلية ـ هل هو السلب الجزئي في الأوّل والإيجاب الجزئي في الثاني كما اختاره صاحب الحاشية ، أو السلب الكلي في الأوّل والإيجاب الكلي في الثاني ، كما اختاره الشيخ؟ فمفهوم قوله عليهالسلام : «الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسه شيء» على نظر صاحب الحاشية ، أن الماء إذا لم يكن بقدر الكر ليس بأن لا ينجّسه شيء بل ينجّسه بعض النجاسات ؛ وعلى نظر الشيخ ، أن الماء إذا لم يكن بقدر الكر ينجّسه كل شيء نجس.
واختار في المتن نظر صاحب الحاشية مستدلا بأنه المتبادر من موارد استعمال هذه الجمل ...
فإن قلت : لو كانت استفادة المفهوم مبتنية على استفادة العلية المنحصرة من الشرط ـ كما هو مسلك المتأخرين ـ لزم تطابق المفهوم والمنطوق في الشمول أيضا ، فإن الحكم في الجزاء ينحل إلى أحكام عديدة ، كما هو مقتضى العموم الاستغراقي ؛ والمفروض انحصار علّة الجميع في الشرط فبانتفائه تنتفي علّة جميع هذه الأحكام ، فتنقلب بأجمعها من الإيجاب إلى السلب أو بالعكس.
قلت : علّية الشرط بنحو الانحصار إنما هي بالنسبة إلى حكم الجميع ، لا كل فرد فرد بالاستقلال ، فعلّة الموجبة الكلية مثلا تنحصر في الشرط ، وهذا لا ينافي إمكان استناد الحكم في بعض الأفراد إلى علّة اخرى عند عدم ثبوت الحكم للجميع.
فإن قلت : الحكم في العام الاستغراقي ليس ثابتا للمجموع ، بل لكل فرد