على عدم شمول دليل الزكاة ، وعدم شموله متوقف على عدم التمكن من التصرف ، وعدم التمكن منه متوقف على شمول دليل النذر ، فشمول دليل النذر صار متوقفا على نفسه ، وكذلك شمول دليل الزكاة متوقف على التمكن من التصرف ، والتمكن متوقف على عدم شمول دليل النذر ، وهو متوقف على عدم رجحان المتعلق وهو متوقف في المقام على شمول دليل الزكاة وهذا الدور مقتضى طبع كل دليلين يكون أحدهما رافعا لموضوع الآخر.
قلت : أولا نسلّم ان شمول دليل النذر متوقف على رجحان المتعلق ولكنه حاصل فعلا فإن التصدق راجح طبعا نعم دليل الزكاة لو جرى ارتفع الرجحان ولكنه لا يجري بعد ما حصل الأمر النذري قبله وثانيا ـ وهو حق الجواب ـ أن رجحان المتعلق في المقام حاصل ولو بعد فرض شمول دليل الزكاة لما عرفت من صحة نذر التصدق بالمال الذي هو للغير بعد إمكان تحصيله بالشراء ونحوه ثم التصدق به والزكاة يمكن ادائها بالقيمة فالنذر وإن توقف على رجحان متعلقه ولكنه حاصل فيصير صحيحا وبجريانه يرتفع موضوع الزكاة قهرا. (١)
الفائدة الرابعة عشرة :
الفرق بين التخصيص والحكومة والورود والتخصص
«المبحث : الانتفاع بالأعيان النجسة وملاحظة النسبة بين الأدلة المانعة منه وبين قاعدة الحلّ المستفادة من الكتاب والسّنة.» (٢)
توضيح ذلك : أنّ التخصيص عبارة عن إخراج بعض أصناف العام أو أفراده عن حكمه ، فيكون من أقسام تعارض الدليلين مثل قوله : «لا تكرم النحويين» في قبال قوله : «أكرم العلماء.» فيكون الخاصّ متعرّضا لبعض ما كان يتعرّض له العامّ من النسبة الحكميّة التي هي منطوق القضيّة بنفيها عن بعض أصنافه أو أفراده ، فيكون في عرضه ولكن يقدّم عليه لكونه أظهر.
والحكومة عبارة عن كون أحد الدليلين ناظرا إلى جهة من الدليل الآخر لا يتعرّضها هو
__________________
(١) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ١١١ إلى ١١٣.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٦٢.