وأجاب في الحدائق عن هذه المناقشة بما حاصله :
«أنه إن أريد كون الزكاة حقا شايعا في مجموع المال من النصاب والعفو فهو ممنوع وإن أريد كونها حقا شايعا في مقدار النصاب فقط فهو مسلّم ومقتضاه ما ذكره المحقق. غاية الأمر أن مقدار النصاب غير متميز بل هو مخلوط بالعفو ولكن لا يستلزم هذا تقسيط التالف على العفو لأنّ النصاب محل الوجوب ، ونقصان الفريضة إنما يدور مدار نقصانه والنصاب الآن موجود كملا». (١)
وقرر هذا الكلام في مصباح الفقيه بما حاصله :
«أن إشاعة حق الفقير في النصاب لا تتوقف على تميز النصاب بل على تحققه في الواقع فلو باع زيدا مثلا صاعا من صبرة وشرط عليه أن يكون ربعه لعمرو فقد جعل لعمرو في هذه الصبرة ربعا مشاعا من صاع كلي مملوك لزيد متصادق على أيّ صاع فرض من هذه الصبرة فبقاء ملك عمرو تابع لبقاء ملك زيد الذي هو صاع من هذه الصبرة على سبيل الكلية بحيث لا يرد عليه نقص بتلف شيء من الصبرة ما دام بقاء صاع منها. فان أردت مثالا لما نحن فيه فهو فيما لو نذر إن رزقه الله عشرين شاة لا بشرط عدم الزيادة وبقيت عنده سنة فنصفها صدقة فرزقه الله ثلاثين وبقيت سنة فقد تحقق موضوع نذره وصار نصف العشرين الموجود في الثلاثين صدقة وان لم يتشخص العشرون فلو تلف بعض الثلاثين قبل السنة او بعدها لم يرد نقص على الصدقة ما بقيت العشرون». (٢)
ما هو الكلي الطبيعي في المسألة؟
أقول : عمدة الإشكال هو أن الموجود في الخارج هو المتشخصات المتميزات وأن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد والكلي الطبيعي وإن كان يوجد بوجود أفراده بل هو في الخارج عين أفراده ولكن المقصود بالكلي في المعين هنا كالصاع من الصبرة ليس هو الصيعان الخارجية الموجودة بعين الصبرة إذ لا شك أن الخارج بخارجيته باق على ملك البائع في بيع صاع من
__________________
(١) الحدائق ، ج ١٢ ، ص ٦٤.
(٢) مصباح الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٦.