السريان والشمول ، بل هو أمر عدمي بمعنى أن الطبيعة في مقام الثبوت إذا لوحظت نفسها من دون لحاظ قيد وحيثية تمام الموضوع لحكم تكون مطلقة ، وإذا لوحظت مع قيد وحيثية زائدة على نفسها تمام الموضوع تكون مقيدة. ولا يقال : إن جعل الحكم على نفس الطبيعة اعم من كونها تمام الموضوع إذ لعلّها مهملة فلا بد في الإطلاق من لحاظ السريان. فانه يقال : هذا الإهمال مربوط بمقام الإثبات وما نحن بصدده الآن أن الإهمال في مقام الجعل والثبوت لا يعقل فإمّا أن يلاحظ في مقام جعل الحكم نفس الطبيعة من دون قيد او يلاحظ معها قيد آخر.» (١)
أقول : قال في نهاية الدراية في مبحث اعتبارات الماهية ما حاصله :
«أن الماهية إذا لوحظت وكان النظر مقصورا على ذاتها من دون نظر إلى الخارج من ذاتها فهي الماهية المهملة التي ليست من حيث هي إلّا هي ، وإذا نظر إلى الخارج من ذاتها فإما أن تلاحظ بالإضافة إلى هذا الخارج مقترنة به بنحو من الأنحاء فهي البشرط شيء. وإما أن تلاحظ بالإضافة إليه مقترنة بعدمه فهي البشرط لا ؛ وإما أن تلاحظ بالإضافة إليه لا مقترنة به ، ولا مقترنة بعدمه فهي اللابشرط ، وحيث إن الماهية يمكن اعتبار أحد هذه الاعتبارات معها بلا تعين لأحدها ، فهي أيضا لا بشرط من حيث قيد البشرط شيء وقيد البشرط لا وقيد اللابشرط ، فاللابشرط حتى عن قيد اللابشرطية هو اللابشرط المقسمي ، واللابشرط بالنسبة إلى القيود التي يمكن اعتبار اقترانها وعدم اقترانها هو اللابشرط القسمي.» (٢)
وقال أيضا :
«إن نفس الماهية من حيث هي غير واجدة إلّا لذاتها وذاتياتها ، وأما إذا حكم عليها بأمر خارج من ذاتها فلا محالة تخرج من حد الماهية من حيث هي ، فيكون المحكوم عليه هو الماهية بأحد الاعتبارات الثلاثة.» (٣)
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ٣٧٧.
(٢) نهاية الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٩٠ ، طبع آل البيت.
(٣) نفس المصدر ، ص ٢٩٢.