الفرق بين التعارض والحكومة
«محل البحث : عدم ثبوت الزكاة في مال اليتيم ، وأن النسبة بين الأدلة الأوّليّة الدّالة على ثبوت الزكاة في كل مال والأدلة الدّالة على عدم ثبوت الزكاة في مال اليتيم هل هي التعارض أو الحكومة أو غيرها؟ وبهذه المناسبة أشار سماحة الأستاذ إلى مسألتين اصوليتين : التعارض والحكومة.» (١)
تنبيه : قد عرفت أن وجه تقديم قوله : «ليس على مال اليتيم زكاة» على العمومات الأوّليّة مع كون النسبة بينه وبين كل منها عموما من وجه لحاظه بالنسبة إلى جميعها وتقديمه عليها وإلّا لزم طرحه أو تخصيص بعضها دون بعض بلا مرجح مضافا إلى أن لسان المانع يقدم على لسان الاقتضاء بحكم العرف وهو المعبر عنه بالتوفيق العرفي.
ولكن في مصباح الفقيه أن قوله : «ليس على مال اليتيم زكاة» حاكم على العمومات الأوّليّة المثبتة الواردة في كل نوع نوع من الأجناس ولا يلاحظ النسبة بين الحاكم والمحكوم.
أقول : الظاهر عدم صحة ما ذكره إذ المقام من باب التعارض لا الحكومة.
بيان ذلك أن التعارض عبارة عن ورود حكمين مختلفين بالإيجاب والسلب على موضوع واحد في عرض واحد سواء اختلفا بالتباين أو بنحو العموم والخصوص مطلقا أو من وجه ، فمثال الأوّل قوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم العلماء» ومثال الثاني قوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم النحويين» ومثال الثالث قوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم الفساق» ففي العموم والخصوص مطلقا أو من وجه أيضا يرد الإيجاب والسلب في عرض واحد على موضوع واحد أعني الخاص ومورد الاجتماع ، ففي باب التعارض يتعرض كل واحد من الدليلين لنفس النسبة التي يتعرض لها الدليل الأخر كلا كما في المتباينين أو بعضا كما في العامين من وجه أو مطلقا ولكن يخالف معه بالإيجاب والسلب فالموضوع في القضيتين واحد كلا أو بعضا والمحمول أيضا واحد ومحط الاختلاف النسبة بينهما فتختلفان فيها بالإيجاب والسلب.
__________________
(١) كتاب الزكاة ، ج ١ ، ص ٣٠.